الآن تذكرتموها؟!..يتحدث عدنان فرزات عن مدينة دير الزور
زاوية الكتابكتب فبراير 3, 2017, منتصف الليل 556 مشاهدات 0
القبس
الآن تذكرتموها؟!
عدنان فرزات
قبل عام 2011 لم يكن سوى القليل جداً من الناس يسمعون عن مدينة دير الزور في سوريا. بل كان من المستحيلات أن تأتي على ذكرها وسيلة من وسائل الإعلام، بما فيها وسائل الإعلام السورية إلا ما ندر، وإن ذكرتها، فيكون ذلك إما في صفحات المحاصيل الزراعية، أو في صفحات شكاوى المواطنين، وربما يرد ذكرها أيضاً في الكلمات المتقاطعة كمدينة تتألف من ثمانية حروف.
من المرات النادرة وربما هي الأولى التي يتم ذكر مدينة دير الزور في إذاعة مونتي كارلو، كان ضمن لقاء أجرته معي الإعلامية كابي لطيف حول روايتي «جمر النكايات» التي تدور أحداثها في تلك المدينة، فكان سؤال كابي لي عنها مستفيضاً بعض الشيء، كون لا أحد يعرف تفاصيل جمالها النهري على ضفاف الفرات.
أما اليوم، فلا أفتح وسيلة إعلام مقروءة أو مسموعة أو مرئية إلا ويطالعني اسم «دير الزور». وكنت أتمنى لو أن ذكرها يكون في مناسبة غير هذه المناسبة المؤلمة، فهي اليوم محاصرة بالموت والجوع والعطش، رغم أن كل مكونات الحياة موجودة فيها، ولكن قدرها هذه المرة أن تكون على حافة القتال بين مدينتين، هما الموصل في العراق، كون دير الزور على الحدود العراقية، وبين مدينة الرقة السورية.
في هذه المدينة المدفونة تحت رماد ذاكرة التاريخ، كانت ثمة عائلة تعدّ من وجهاء المدينة، وأثراها، وكان لي صديق من هذه العائلة ينفق علينا بسخاء، كونه أغنى واحد فينا. ما زلت أتذكر حتى ثيابه كان يشتريها من ماركات تأتي من لبنان تعد نادرة آنذاك، فكان يسافر إلى منطقة مضايا التي توجد فيها بضاعة تهريب من لبنان، ولم يكن يقصر معنا بجلب الهدايا التي كنا نراها غريبة وجديدة على أنظارنا.
قبل يومين تقريباً، جاءتني رسالة على هاتفي من رقم أشاهده لأول مرة وهو من تركيا، رددت على صاحب الرسالة أسأله عن نفسه، فكانت المفاجأة أنه شقيق هذا الصديق، فاتصلت به، لأتلقى الصدمة حين أخبرني بأنه يعيش الآن في مركز للإيواء مع أطفاله، وهو يبحث منذ مدة عن عمل فلا يجد، لدرجة أنه رضي بالعمل حمّالاً (عتالاً)، ولكن أحداً لم يقبل به لتقدمه في السن.
سألته عن شقيقه، فأخبرني بأنه تحت الحصار في دير الزور بالكاد يحصل على رغيف حياة وقطرة ارتواء، وقد تهدم بيتهم الجميل..حين أغلقتُ الهاتف كان ندياً.. وكان المذياع يقول: «إسقاط مساعدات جوية على دير الزور».
تعليقات