إعطاء رئيس الوزراء حصانة من المساءلة، أمر غير دستوري.. برأي حمد العصيدان
زاوية الكتابكتب مارس 13, 2017, 2:48 ص 371 مشاهدات 0
الراي
من زاوية أخرى -مجلس الأمة... السير وسط الألغام
حمد العصيدان
بعد نحو من ثلاثة أشهر ونصف الشهر على انطلاقته، اقر مجلس الأمة أول قوانينه، وهو في الحقيقة ليس قانوناً جديداً، بل تصويب لتشريع صدر عن المجلس السابق، ليعيد في هذا التصويب الأمور إلى نصابها، ولاسيما أن القانون، قبل تعديله، كان يمس سمعة الكويت ومكانتها الدولية.
فالقانون الجديد الذي عدّل أعاد سن الحدث في العرف الجزائي والجنائي إلى 18 سنة بعدما أنزله المجلس السابق إلى 16، ومهما يكن من أمر، ومبرر لذلك الخفض فإنه لم يكن صحيحا من وجهة النظر القانونية والتشريعية، ولا يتناسب مع الأعراف الدولية، وهو ما اعتبر انتهاكا للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الكويت. ولعل ما يثير الريبة أكثر في قضية التعديل السابق ـ خفض السن ـ أنه كان توجها حكوميا لتطويق الحراك الشبابي المعارض، ومحاولة وأده في مهده الأمر الذي وضع الحكومة في سهام النقد المحلي والدولي.
المهم أن الوضع عاد لطبيعته، وسبقه إنجاز آخر كان بعيدا عن قاعة عبدالله السالم تمثل في إنهاء ملف «الجناسي» الذي رفع لواءه أكثر من نائب كاستحقاق له أولويته، فكان أن تمت معالجة الملف بعيدا عن الصدام الذي كان متوقعا في جلسة الثلاثاء الماضي، وذلك بتوجيه سام لإعادة الجناسي المسحوبة لأسباب سياسية إلى أصحابها، مع ما أثير من لغط سياسي يتعلق بتفاهمات حكومية مع نواب الملف، وهو ما اعتبره آخرون تجريدا للمجلس من أداة دستورية تتمثل في الرقابة والمساءلة، وسط حديث عن «تحصين» رئيس الوزراء من المساءلة مقابل إنهاء الملف.
وحقيقة، فإن إعطاء رئيس الوزراء حصانة من المساءلة، أمر غير دستوري، مقابل حل قضية واحدة من قضايا شعبية عدة حمل ملفاتها النواب إلى قاعة عبدالله السالم، ولكن في المقابل، هناك فسحة من عمل تعطى للحكومة من دون وضعها تحت ضغط التهديد والوعيد في سبيل تحقيق الإنجازات وبعيدا عن الصدام. ولكن الملاحظ في القضية أن النواب الذين كانوا بعيدين عن ملف الجنسية، تصدوا مباشرة لمسألة تحصين رئيس الوزراء من المساءلة، وأعلنوا أنهم في حل من أي اتفاق نيابي - حكومي، ما يثير علامات استفهام حول نوايا قد تكون قائمة لمساءلة الرئيس، ردا على تلك التفاهمات «الشفوية» في مجملها من جهة، ولتسجيل مواقف سياسية وانتخابية أمام القواعد بأن لهم موطئا قدم في المعادلة البرلمانية الحكومية، وهو أمر يحيل قاعة عبدالله السالم إلى حقل ألغام يهدد العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة.
وأرى أن الأمور تحتاج إلى قليل من التمهل والروية من النواب الذين أزعجتهم تفاهمات التحصين، فحتى لو كان الأمر حقيقيا، يجب على الجميع التأني في ردود الفعل وانتظار مجريات الأحداث، فإذا رأوا أن رئيس الوزراء قد استغل مثل تلك التفاهمات ليقوم بسياسات يرونها مخالفة أو غير صحيحة، فيمكنهم عندها تفعيل أدواتهم الدستورية وسط تأييد شعبي كبير، ومن دون أن يلومهم أحد، وسيقف بجانبهم حتى نواب التفاهمات. أما أن تكون ردود الفعل فورية وبقوة، فأعتقد ان فيها نوعين من التسرع الذي لا ينبغي. فمزيداً من الهدوء ولنترك الأعمال وحدها تدل على السير في طريق القانون أو تخالفه. وعند ذلك يتم التصرف حيالها.
***
ولمناسبة موضوع عودة الجناسي لأصحابها، فإن المكرمة الأميرية إنجاز جديد يضاف إلى سجل أمير الإنسانية الحافل بالأعمال الإنسانية التي شهد له فيها القاصي والداني.
ولا شك أن المكرمة السامية أنهت فترة من المعاناة عاشها كل من سحبت منهم جنسياتهم، وهم يرون أنفسهم قد فقدوا مواطنتهم، إلى أن جاء الأمر السامي الذي أدخل البهجة والفرح إلى قلوب العشرات ممن شملتهم المكرمة وأعادت الحياة لبيوتهم. كما أن الإنجاز السامي يسجل بحروف من نور في سجل الكويت الحديث، كما يحسب للنواب الذين وعدوا وأوفوا، وتحقق لهم أول إنجازاتهم.
نهنئ الأسر التي عادت إليها جنسياتها، آملا أن تحمل الفترة المقبلة لهم الخير وتنسيهم آلام فقد مواطنتهم وما تبعها من تداعيات كانت قاسية عليهم ولمسناها من بعضهم عن قرب وندعو الله أن يحفظ الكويت وأميرها وأهلها من كل مكروه.
تعليقات