حروب الفاشلين.. يكتب عبد المحسن جمال

القبس

رأي وموقف-حروب الفاشلين

عبد المحسن جمال

 

في مذكراته الطويلة التي كتبها وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، يذكر أنه كانت له نظرة في التعامل مع الاتحاد السوفيتي آنذاك تختلف عن نظرة الإدارة الأميركية.

وكان يختلف مع وزير الخارجية فوستر دالاس في عهد الرئيس دوايت أيزنهاور، حيث كان يرى ضرورة احتواء الاتحاد السوفيتي بدلا من الحرب ضده.

وكانت رؤيته أن هذا الاحتواء يكون من خلال نظام عالمي من الأحلاف المعادية للشيوعية بقيادة الناتو.

وقد تم تشكيل مجموعة من الباحثين الأكاديميين والسياسيين لصياغة هذه الاستراتيجية المستقبلية التي غيرت مسار السياسة في واشنطن من استخدام الحرب كحل، إلى استخدام الاحتواء والدبلوماسية.

تذكرت حال بلادنا العربية اليوم وأنا أقرأ مذكرات هذا السياسي الكبير الذي استطاع قيادة العديد من المفاوضات الصعبة سياسيا بدلا من الدخول في حروب «حمقاء» لا تُبقي ولا تذر، ناهيك أنها لن توصل إلى حل لتدخل القوى الأجنبية فيها وفرض هيمنتها ومصالحها على الأطراف المتصارعة.

اليوم وبعد أن اتسعت رقعة الحروب العقيمة في محيطنا العربي، نحن في أمسّ الحاجة إلى من يملك الشجاعة لإيقاف هذه الحروب التي ولّدت آلاف القتلى والجرحى والمعاقين والأيتام والأرامل والعاطلين عن العمل. والتي أوصلت ملايين العرب إلى ما دون خط الفقر، وأوصلت المهاجرين إلى كل أصقاع العالم بحثا عن مأوى آمن، بعيدا عن ويلات الحروب ومآسيها.

اليوم نحتاج إلى عقلية «حضارية» تنظر إلى الحلول في العلاقات الدولية من خلال الدبلوماسية العاقلة وليس من خلال الحروب المجنونة.. نحتاج إلى اجتماع عربي على مستوى عال، يصدح فيه صوت العقل قائلا كفى حروبا عبثية، وصراعات عربية بينية فتحت الأبواب لدخول الأجنبي من دون استئذان.

علينا أن نعي أنه إذا أوقفت الحروب اليوم، فسنحتاج على الأقل إلى عقدين من الزمان لمعالجة آثارها وتبعاتها.

إيقاف الحروب اليوم أفضل من استمرارها للغد، هذا ما يقوله التاريخ، وهذا ما يقوله خبراؤه.