أماني العدواني تكتب: (تمضي الحياة .... ولكن)

زاوية الكتاب

كتب 13482 مشاهدات 0


قلمي قلم مراسه صعب ومزاجه متقلب لا يكتب إلا اذا استفز ، ولا يهدأ إلا اذا أثر، ولا يرتاح إلا اذا باح بكل شيء مباح ، وكل فكرة فيها مغزى وعبرة.

فذات يوم استفزت قلمي جملة بسيطة جدا ، سمعتها من إحدى الصديقات أثناء حوار مطول تلفه الدهشة والتعجب من سرعة الأيام وتقارب الأزمان، فصغيرنا في الأمس شب وأصبح شاب، وشاب الأمس قد شاخ وشاب ، وبينما نحن في غمرة الدهشة والتعجب اذ بصديقة تقاطع ذلك الحديث قائلة ' وتمضي الحياة' منهية بتلك الجملة حوار هيج المواجع وأجج المشاعر.
استفزتني تلك الجملة واستوقفتني كثيرا، ولم أعرف حقيقة لماذا استفزتني ، ألأنها آلمتني أم لأنها أرعبتني أم لأنها ذكرتني بيوم سوف تنتهي به قصة حياتي وتقف عنده رحلة العمر .
الغريب بهذه الجملة هي البساطة والتلقائية التي كانت تخفي وتبطن وراءها حقيقة مرعبة ونهاية جازمة لكل من في الحياة وعليها.
فالحياة سوف تمضي وسوف يمضي معها كل شيء، أيامنا الحلوة ، أوقاتنا المرة ، أعمارنا، أعمالنا ، مواقفنا.
فهل يا ترى نسمح للعمر بالمضي هدرا ، ونجعل الدهر يسرق لحظاتنا بكل يسر وتسامح، ونسلم أعمارنا لعجلة الزمن طوعا وطواعية، بدون أي إنجاز أو تعمير للأرض وترك للأثر.
وأخذت الأفكار تتلاطم في ذهني ، وأخذت أسترجع شريط حياتي ، وكأنني أبحث عن بعض العبر في قصتي وأستخلص غاياتي من رحلة العمر الطويلة.
فماذا فعلت وماذا أنجزت ؟ وكم أعطيت وكم أخذت؟
هل ياترى كانت لي مساهمات في تعمير الأرض ، وهل كانت لي مشاركات انسانية في تلك الأيادي الحانية التي لطالما خففت عن أهل البلاء بلاءهم، والبلسم الشافي الذي خفف عن أصحاب الوجع أوجاعهم ، أم كانت حياتي مجرد تلبية احتياجات مادية ورغبات، وسطحية و أنانية أناة.
وماذا عن عملي وعلمي وعلاقاتي الاجتماعية فهل كانت لأهداف دنيوية أم أخروية؟
وهل يعاب على الإنسان أن يتعلق بغايات دنيوية ، أم يجب التركيز فقط على الأهداف الأخروية؟
أفكار متلاطمة وأحاسيس مربكة ومشاعر مؤرقة في تصور لرحلة عمر سريعة .
فاستذكرت دعاء سيدنا ابراهيم عليه السلام ' رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين، واجعلني من ورثة جنة النعيم'
فوجدت أنها تجمع بين الغايات الدنيوية والأخروية، فهدأت نفسي ، وأنارت بصيرتي، واستعدت عزمي وعزيمتي ، وعلت همتي.
سائلة الله لي ولكم خير الحياة وخير الممات وخير العمل، وترك الأثر الطيب.

أماني العدواني

الآن - أماني العدواني

تعليقات

اكتب تعليقك