حكاية الحيوان المتحول.. يكتب صلاح الساير

زاوية الكتاب

كتب 1228 مشاهدات 0

صلاح الساير

الانباء

السايرزم- حكاية الحيوان المتحول

صلاح الساير

 

نصدف في النهار العصافير وهي تطير وتحطّ وتزقزق، ولا نشاهدها ليلا وهو الوقت الذي يمكن ان نصدف فيه الخفافيش لأنها مبرمجة على الطيران الليلي، وكذلك لم يحدث ان شاهدنا بطة تتجول في الشوارع بعد منتصف الليل بحجة انها تعاني من الأرق، أو شاهدنا خفاشا يطير في رابعة النهار لأنه يشعر بالملل داخل الكهف. ذلك ان الحيوانات الأخرى غير (الإنسان) منضبطة حسب برنامجها تنام وتستيقظ وتطير وتأكل بموعد معلوم.

أما الإنسان فمختلف ومتغير ولا حالة ثابتة له. فالأسماك تسبح والطيور تطير والحيوانات تعدو، أما الإنسان فيسبح ويطير ويمشي. يمضغ الأعشاب كما يفعل الأرنب وينهش اللحم مثل نمر.

****

من يراقب الكائنات الموجودة في كوكب الأرض بمن فيها البشر سوف يدرك ان تعريف الإنسان على أنه (حيوان ناطق) تعريف قاصر، أما التعريف الدقيق حسب اعتقادي فإن الإنسان (حيوان متحول) يختلف عن سائر الكائنات بقدرته على التغيير والتحول والاختلاف.

فالطيور تؤوب إلى الأشجار عند الغروب في فترة متقاربة، كما انها تغادر الأعشاش صباحا لتلتقط رزقها في وقت واحد. بعكس الإنسان المتغير والمختلف في الذهاب كما في الإياب.

(هذا متأخر، وتلك متثاقلة، وذاك متمارض، وأخرى غائبة) وهكذا تتفاوت الأعذار باختلاف تحولات الإنسان المتحول الذي لا يثبت على أمر. فمنذ الخليقة وهو يغير ألوانه ولسانه وأديانه وعنوانه، وفي كل عرس له قرص وفي كل حفل له طبل.

****

لم يحدث قط أن غرد الغراب كالبلبل أو الكناري، ولا الصقور تهدل هديل الحمائم. فلكل طائر أو حيوان فرادته الصوتية ولغته الخاصة التي ينطق بها. فالثغاء للغنم والرغاء للبعير، فلا الذئاب تموء ولا الأفاعي تنق نقيق الضفادع.

وهذه الوحدة الكلامية غير موجودة في عالم الإنسان الذي يولد في مجتمع يتحدث لغة ما، فينطقها قبل ان ينطق بلغة أخرى. فنجد الصيني يتحدث العربية وآخر من المكسيك يتحدث الفرنسية أفضل من فولتير.

وفي الوقت الذي عرف البشر (الترجمة الفورية) لم نسمع ان غزالة تمكنت من ترجمة زئير الأسود للغزالات في الغابة. الإنسان كائن عجيب يهجم مثل دب ويحجم مثل فأر. يكر مثل فرس ويفر مثل الثعلبان.

الانباء

تعليقات

اكتب تعليقك