كثرة التهديدات باستجواب رئيس الوزراء وبعض الوزراء أفقد هذه الوسيلة الرقابية أهميتها وقوتها.. برأي صلاح العتيقي
زاوية الكتابكتب إبريل 14, 2017, 11:52 م 414 مشاهدات 0
القبس
الإفراط الرقابي والتفريط التشريعي
د. صلاح العتيقي
من المعلوم أنه لا مواطنة حقة من دون ثقافة دستورية. ومع الأسف، العديد من أعضاء مجلس الأمة لا يعرفون هذه الحقائق التي ذكرت في الدستور في مواضيع عدة، وهي حقوقهم وواجباتهم وحدود صلاحياتهم وما يمليه عليهم الواجب تجاه الوطن من مسؤولية اجتماعية بعيداً عن القرارات الشعبوية والدعايات الانتخابية.
فمن الملاحظ هذه الأيام كثرة التهديدات باستجواب رئيس الوزراء وبعض الوزراء، مما أفقد هذه الوسيلة الرقابية أهميتها وقوتها، فالنائب الواحد يهدد عدة وزراء دفعة واحدة، فأحدهم هدد باستجواب رئيس الوزراء إن لم تعد الجناسي وتلغ زيادة البنزين وتوقف زيادة أسعار الكهرباء والماء، وآخر يهدد وزير المالية في حالة إقرار الوثيقة الاقتصادية. ولا أدري ما علاقة البنزين والجناسي والوثيقة الاقتصادية بالاستجواب، فإن كان لدى العضو مادة مكتملة الأركان حول استجواب أحد الوزراء فلا ينبغي ربطها بموضوع آخر؛ أي لا يجوز الضغط على الوزراء وتهديدهم بالاستجواب للوصول لغاية ما.
دور البرلمان تشريعي بالدرجة الأولى، وفي جميع دول العالم يُقاس مدى نجاح هذه البرلمانات بجودة التشريعات التي تساعد على تطور البلد وتقدمه في جميع المجالات، لا أن تسن التشريعات التي تساعد على التبذير والإنفاق الاستهلاكي.
كذلك الإفراط في الرقابة عدوى انتقلت إلى السلطة التنفيذية، حيث أصبحت الحكومة تنافس المجلس في إنشاء الكيانات الرقابية أو توافق على مقترحات بإنشائها، فلدينا الآن هيئة مكافحة الفساد وهيئة المراقبين الماليين ورقابة البنك المركزي على التحويلات وغسل الأموال وديوان المحاسبة وهيئة أسواق المال ولجان تحقيق مجلس الأمة ولجنة حماية الأموال العامة وهيئة الشفافية ولجان التحقيق في الوزارات.. كل هذه الكيانات تكلف الدولة الكثير من الأموال بلا طائل، وتُنشأ باسم مكافحة الفساد، فلا الفساد انخفض ولا الأعمال تسهلت، بل زادت الكلفة المالية والبيروقراطية وزاد الفساد.
فهل انتبه المجلس والحكومة إلى هذا التفريط؟
***
كلنا يشكو من تدني الخدمات وسوء وضع البنية التحتية، كتطاير الحصى بعد الأمطار، ويعزى ذلك إلى الفساد الذي أصاب البلاد والعباد. المشكلة ليست في البنية التحتية، المشكلة في البنية الفوقية، وأقصد الإنسان الذي لا يشعر بالانتماء وهمه الكسب فقط، والمسؤولين الذين سهلوا له ذلك وتركوا «القرعة ترعى». كل شيء يمكن علاجه إلا البشر، إذا فسدت أخلاقهم فلا يردعهم إلا تطبيق القانون من دون رحمة أو شفقة.
تعليقات