للديموقراطية ضريبة وهي ألا تلعب الحكومة ممثلة في السلطة التنفيذية دور الخصم والحكم.. بوجهة نظر زياد البغدادي
زاوية الكتابكتب إبريل 15, 2017, 11:56 م 426 مشاهدات 0
النهار
زوايا- ضريبة الديموقراطية
زياد البغدادي
في إحدى المقابلات التلفزيونية قال والدي - رحمه الله - انه دفع ضريبة الديموقراطية والحرية حتى في بيته، عندما سمح لنا نحن أبناؤه بقول لا أو الاعتراض والنقاش وإبداء الرأي في كثير من القضايا، فلم يكن ذلك المنادي بالحرية والديموقراطية ديكتاتوريا في منزله وحياته الشخصية.
مما لاشك فيه أن هذه الضريبة مكلفة جداً ومرهقة، فالانسان وخاصة العربي مستبد بطبعه فهو يجد فيمن يخالفه عدواً لدوداً وجب إقصاؤه أو اخضاعه، ونجد ذلك واضحا وجليا في عالمنا العربي الذي اكتشفت شعوبه أنها عاشت مئات السنين تحت وطأة الاستبداد والقمع، وخاصة مع اكتشافه للأنظمة الديموقراطية الحقة وكيف تهنئ شعوبها بما يسمى بالعدالة الاجتماعية وسيادة القانون في بلدانها .
إلا أن العالم العربي قد عاش تجاربه الخاصة مع الديموقراطية، وأن أغلبها كان في الحقيقة نظاماً ديكتاتورياً ولكنه بغلاف واطار الديموقراطية، فهنا تجد التعديلات الدستورية لمد أجل الحكم الرئاسي وكذلك تجد الحكام وهم يلتصقون بالحكم لمدد يحدد أجلها الله - سبحانه وتعالى - بانتقالهم الى جواره، مؤسسين نظاماً جديداً وقد وهبوه لقب الديموقراطية الفريدة من نوعها .
ويبقى النموذج الكويتي وهو الأفضل عربياً ليس بعيداً عن أقرانه وإخوانه، وقد تجدني عزيزي القارئ مبالغاً في هذا الأمر ولكنني وبكل أمانة لا أبالغ وأنا اشاهد رئيسة وزراء كوريا الجنوبية وهي تبكي عند تسلمها لباس السجن بتهمة الفساد وسوء استخدام السلطة في أمر أجده شخصياً تافهاً جداً ويتعلق بتوظيف صديقة لها في وظيفة حكومية، ولكن الشعب الكوري لا يوافقني الرأي لأنه نشأ على ديموقراطية حقيقية فيها السيادة للقانون والعدالة الاجتماعية ركن أساس للنظام أجمع.
وكذلك هي ردة فعلي أمام خطاب رئيسة وزراء النرويج التي أبدت قلقها الشديد لأن الحكومة احتاجت إلى السجن من الاحتياطي العام مبلغا لا يتجاوز المليار دولار، وأنها تشدد على أن لهذه الأموال حرمة أن للأجيال القادمة نصيباً فيها ولا يجب التهاون معها، فهي لم تتحدث عن السحب للتسليح او لزيادة التبرعات الخارجية ولم تحول بلدها لدولة مدينة للغير بمليارات الدولارات، فاذا كانت هي بإدارتها الحكيمة قلقة على مستقبل بلدها، فماذا عساني أن اقول انا في بلدي؟
نعم بسبب متابعتي للعالم من حولنا اكتشفت وصعقت أننا لا نعيش الديموقراطية بل إننا نمارس جزءاً ضئيلاً جداً منها، فالديموقراطية ليست مجلساً منتخباً من الشعب أو صناديق نضع فيها الأوراق لنحتفل ونحتفي بالفائزين بعدها، الديموقراطية لا تعني أنك تسير على هامش من الحرية لتقول ما عندك حول الفساد وأركانه ومشاريعه الحالية والمستقبلية وتذهب بيتك آمنا لتصحو غداً وتتعايش مع الفساد الى أن تتقبله. الديموقراطية بكل بساطة هي ذلك الطريق الطويل المملوء بالمهمات والصعاب والذي بالضرورة سيصل بك الى دولة متطورة وشعب سعيد، فإن لم تصل الى هذه النتيجة فأنت يا سيدي ببساطة في الطريق الخطأ.
للديموقراطية ضريبة وهي ألا تلعب الحكومة ممثلة في السلطة التنفيذية دور الخصم والحكم، وتجبر على الشفافية الكاملة وتكون المحاسبة فاعلة ومباشرة بحكم القانون ودولة المؤسسات التي يندرج تحتها كل أفراد الشعب، نعم هي مكلفة ولكن إما أن تأخذها كما هي أو تتركها.
زوايا :
1- في الدول الديموقراطية بالضرورة هناك من اللصوص والفاسدين ولكن متى ما انكشف امرهم ستجدهم خلف القضبان لا محالة .
2- في الدول الديموقراطية لا توزع الثروة على مزاج الدولة، فلا تجد وزير المالية يستبدل الخطة الاقتصادية وفقا لقوة مجلس الأمة وتحكم الحكومة فيه.
3- لا يتجرأ المسؤولون في الدول الديموقراطية أن يصفوا حكومتهم بأنها الدوله، فهذه تعد فضائح تنهي حياتهم العملية والسياسية.
تعليقات