عدنان فرزات يكتب.. أجبرناهم على التغني بنا

زاوية الكتاب

كتب 428 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

أجبرناهم على التغني بنا

عدنان فرزات

 

تمكن العرب أخيراً من استعادة بعض أمجادهم في الغرب، ليُسكتوا بذلك كل حاقد، ويُخرسوا كل من ظن أن أمجادنا توقفت عند حضارة الأندلس. فرغم ما نحن فيه اليوم من انهيار ودمار وتخلف، فإننا رفعنا صوتنا من الهاوية عالياً، وتمكنا أخيراً من إجبار الغرب على الإشادة بابتكارنا الجديد الذي هو «الفلافل». بل إن مطرباً سويدياً أطلق أغنية خاصة عن الفلافل وصلتني قبل أيام.

من شدة فرحتي بهذا الإنجاز العربي، أرسلت إلى ابنة أخي إيمان المقيمة في السويد وتحمل جنسيتها، كي تترجم لي الأغنية لأنني لم أفهم منها إلا الكلمة الأولى التي يصدح بها المطرب وهي «فلافل».. وكم شعرت بالاعتزاز وأنا أقرأ ترجمة كلمات الأغنية التي تقول: «إلى عربة الفلافل أذهب كل يوم وأنتظر يومي المشمس حتى يصبح جيدا. يجب على المرء أن تكون الفلافل التي يريدها محضرة بطريقة جيدة حسب مزاجه كي يصبح طعمها مضبوطاً. فكر جيدا كيف تريدها حتى يصبح طعمها مضبوطاً ويومك مضيئا وشبعان. الفلافل هي وجبة حقيقية. افتح حواسك وافهم سوف تستوعبها أكثر. وبمدينة الفلافل أريد كل شيء فيها ومكانا لهدوء الروح. أشعر حقيقة أنني محظوظ لأنني أعيش تجربة هذه الثقافة. فلافل تستطيع أكلها من دون شوكة فقط تمسكها بيدك وتعضها بأسنانك. لكن انتبه اذا كانت حارة».

ليس شعور الاعتزاز بأمجاد العرب فقط هو الذي اعتراني لحظة سماع الأغنية التي كان مطربها يشبهني، ولكن الذي شعرت به أيضاً هو قرار أخي الصائب بإرسال ابنته إلى السويد قبل أكثر من ربع قرن، رغم أن هذه هي المرة الأولى التي أستفيد من وجودها هناك، ولكنها إفادة عظيمة عوضتني عن الهدايا التي حلمت بها ولم تحضرها لي.

في زيارة قمت بها إلى مدينة الزهراء في الأندلس، حاولت التقاط صورة لي وأنا أقف فوق عمود أثري من بقايا تارخ العرب، ولكنني فوجئت بحراس الآثار يهرعون نحوي لدرجة أنني تلمست خصري خشية أن أكون مرتدياً حزاماً ناسفاً. ثم تبين لي أنهم كانوا يقصدون منعي من الوقوف على هذا العمود المكسور حفاظاً عليه. فليس من المستبعد أن تتعامل السلطات السويدية مع محال الفلافل بالطريقة نفسها بعد مئات السنين.

آلاف المعالم الحضارية التي بناها العرب في الغرب، ولم يقل أحد فيها أغنية واحدة، إلى أن جاء زمن الفلافل، فأجبرنا الغرب على التغني بهذا الابتكار المدهش.. المجد للفلافل.. المجد للعرب.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك