عن الأخلاق العامة.. يكتب صلاح العتيقي

زاوية الكتاب

كتب 462 مشاهدات 0

صلاح العتيقي

القبس

الأخلاق العامة

د. صلاح العتيقي

 

تقود سيارتك في الشمال بالسرعة القصوى المسموح بها لتجد خلفك من يريد أن يتخطاك، بل يكاد أن يقفز فوق سيارتك لتفسح له الطريق مع الاستخدام المتكرر للإضاءة، علامةً على ضيقه من تصرفك. أنت في هذه الحالة أمام خيارين، إما أن تزيد سرعتك فوق المسموح مع خطورة المخالفة، أو تفتح له الطريق في حال عدم وجود سيارات من الناحية اليمنى، هذا سلوك يدل على الاستهتار بالقوانين.

تقف عند الإشارة منتظرًا اللون الأخضر، حين يفتح تجد الذي أمامك مشغولاً بالتلفون، تضطر لأن تنبهه بالهرن، بعضهم يعاند، وبعضهم ينظر إليك شزرًا لأنك أزعجته وليس لديك صبر. ماذا تفعل غير ذلك لأن وقتك ثمين ولكن من يقدر؟

تدخل إحدى الوزارات بمعاملة عادية فلا تعلم أين تبدأ وأين تنتهي لتضطر إلى سؤال العارف بخبايا الأمور، الذي هو البنغالي الذي يقودك إلى مبتغاك، عندها أنت وكرمك، لأنه وضعك على الطريق الذي تبدأ منه.

تدخل إلى المستشفى الأميري وتقف عند الأسانسيرات العجيبة لأنها غير مبرمجة، ولأنها تنزل وتطلع بعضها مع بعض، وبعض الوقت لا يعمل إلا واحد أو اثنان، تنظر بضجر إلى وجوه الواقفين، مجموعة من الأطباء صغار السن وموظفين ليس للزمن عندهم قيمة، فهم سيغادرون العمل بعد انتهاء الدوام، سواء أكانوا في مكاتبهم أم في انتظار الأسانسير، فهذه سلوكيات يجب أن تتغير، فهل نفعل؟!

***

يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «إذا وُسِّد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة»، من أصعب الأشياء أن ترى ضياع المعايير الموضوعية في التعيين للمناصب القيادية، واستبدال بها- في الغالب- معايير قوامها الصداقة والمعرفة والمصالح المشتركة والشللية والقرابة على مرآى ومسمع من الجميع من دون خجل أو خوف من الله سبحانه وتعالى، حيث أصبح هذا الإجراء يصرح به أحيانًا في الصحف ويعلن على رؤوس الأشهاد، بانتهاك صريح لكل المعايير، وانتهاك للدستور الذي يدعو إلى المساواة في جميع الأمور.

إن تصريح أحد النواب بأنه عيَّن قريبه وكيلاً في إحدى الوزارات، وهو يشكر الوزير على قبول ترشيحه، لدليلٌ على أن التجاوز أصبح على رؤوس الأشهاد وأصبحت له فلسفة ومريدون.

وإذا سألت باستغراب عن هذه التعيينات غير المنطقية، أتاك الجواب بأنه «خوش ولد، حبوب، ذهبة، ما يعارض»، وكان الواجب أن يُقال «إنه إمعة، ليس له رأي، تمكن قيادته بسهولة لتحقيق أهداف المسؤول».

إن طغيان المعايير الاجتماعية والنفعية على المعايير الموضوعية، أدى إلى نتائج سلبية كبيرة وأدى إلى فقدان الكثيرين للروح المعنوية التي تدعو إلى العمل والإنتاج، وإن التقدم والرقي في الوظيفة، ليست له علاقة بالأداء والكفاءة الفنية، وهذا هو الذي أدى إلى تدهور الإدارة الحكومية في معظم الوزارات.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك