لماذا نتعلم؟.. يتسائل محمد السداني
زاوية الكتابكتب سبتمبر 29, 2017, 11:48 م 956 مشاهدات 0
الراي
سدانيات- لماذا نتعلم؟
محمد السداني
أتردد كثيراً في كتابة مقالات يدور موضوعها عن التعليم وواقع التعليم في بلادنا العربية. وقد أجد أنني تبحرت كثيراً في شرح سلبيات النظام الحالي ومدى عدم ملاءمته للحياة ذات النمط السريع التي نعيشها، وغيرها الكثير الكثير من معوقات التطور والازدهار، لكني تناسيت جزئية مهمة جداً، كان من المفترض أن أطرحها قبل الكم الهائل من مقالات التعليم: لماذا نتعلم؟
بعد سنوات من التعليم قضيتها في المرحلة الثانوية، لم يطرح عليّ هذا السؤال أبدا. وقد انتبهت على هذا الأمر وأنا أوصل ابني ذا الخمسة أعوام إلى مدرسته في مدينة كارديف البريطانية، حيث دار بيني وبين معلمته حديث سريع عن سير الحصص الدراسية ومحتواها، فقالت لي ببساطة مدهشة: «نحن يا سيد محمد نعلم الأطفال أن يكونوا جزءا من الحضارة البشرية بكل جوانبها... فنعلمهم اللغة للتواصل والفهم. ونعلمهم الموسيقى ليكتشفوا إبداع الإنسان في إشباع الروح والحياة بكل ما هو نابض. ونعلمهم العلوم لكي يتعاطوا مع محيطهم من دورة المياه إلى أكثر المعامل خطورة في العالم».
وتابعت:«نحن لا نتعلم من أجل وظيفة، فالوظيفة هي دورنا الحضاري في هذا العالم، إما أن نحسنه فنكون أهلاً له ونستحق هذا الدور، أو يأتي من هو أحق بهذا الدور منا لكي يحافظ على مسار الحضارة وبناء الإنسان».
لم أجد مداخلة أستطيع إضافتها على هذا الكلام الذي أصابني بشلل موقت في لساني. لقد غاب هذا المفهوم عنا ونحن نقيم الدنيا ولا نقعدها سنوياً بالاستعداد للمدارس ومدى جهوزيتها وغيرها من الأمور التي مللنا تكرارها. لا أعتقد وأنا ابن وزارة من أكبر وزارات الدولة، أن هناك مسؤولاً يستطيع أن يجيب على سؤال كما أجابت معلمة ابني عمر، والتي لخصت ما عجز عنه وزراء مروا على وزارة التربية والتعليم. ولا اعتقد أن إجابة مثل إجابتها ستمر على لسان وزير قادم، لأننا بكل بساطة لا نعرف لماذا نتعلم.
خارج النص:
- دار حوار بيني وبين أحد الوزراء السابقين عن أهداف العملية التعليمية والمناهج الجديدة، فقال لي: نريد بهذه المناهج أن نرفع اسم الكويت عالياً. فقلت ثائراً: ومن قال أن اسم الكويت يحتاج أن يرفعه أحد! ومن قال انّ اسم الكويت انخفض لكي نرفعه بالمناهج أو غيرها! فقال ضاحكاً: هذا حماس الشباب الذي نحتاجه يا محمد. وضحك ضحكة لم أنسها أبدا، وعرفت بعدها معنى هذه الضحكة.
- حدث خطأ في طباعة كتاب للمواد الاجتماعية في دولة مجاورة، حيث وضعت صورة غير صحيحة في درس من الدروس، وكان العلاج طبعاً هو سحب الكتب وإعادة طباعتها مجدداً. بينما اشتريت كتاباً مستعملاً لابني في مدرسته الجديدة، مكتوباً عليه: «الكتاب الجديد لن يعطيك معلومة جديدة، العبرة بما ستتعلمه لا بما ستحمله في حقيبتك»... فعرفت بعدها الفرق شاسع بيننا وبينهم.
تعليقات