عدنان فرزات يكتب.. الملحدون.. «الدراويش»

زاوية الكتاب

كتب 738 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

الملحدون.. «الدراويش»

عدنان فرزات

 

 

كان هناك شخص بسيط الوعي، لا علاقة له بعالم المثقفين ولا الكتب، وكان يشعر بعقدة نقص من المثقفين، لذلك فكر بطريقة لسد «ثغرة» النقص هذه، وصادف حينها أنه يقوم بتغيير أثاث منزله، فقام بوضع مكتبة منزلية واشترى الكتب لها، ومن ضمن ما اشتراه مجلدات لونها أحمر، وحين سأله أصدقاؤه عن سبب اختياره لهذه المجلدات، قال إنها تتناسب مع لون الأثاث، فسأله أحدهم هل تعرف مؤلف هذه المجلدات، فأجاب بثقة: «نعم، إنه نينين».. يقصد لينين.

هذا النموذج من «النينيين» موجود بكثرة، ولكن بنسخة محدّثة Update، فهم يلقون المحاضرات ويتحدثون في الندوات وغيرها، ولكنهم في النهاية لا يفهمون من هذه الأفكار إلا قشورها، على سبيل الموضة أو الاعتقاد بأن بذلك سيجعلهم أشخاصاً عصريين متحضرين.

الكثير من الملحدين العرب «دراويش»، و«يكسرون الخاطر»، وأفكارهم ضحلة، لعدة أسباب، منها أنه ليس لديهم وجهة نظر خاصة بهم، ولم يضعوا نظرية من بنات ولا شباب أفكارهم الذاتية، فهم ليسوا مثل سارتر الذي عرفنا (نظرية) الوجودية من كتبه وأعماله الكثيرة، وفي مقدمتها «الوجود والعدم»، وبالتالي تمكن مناقشته فيها وتحليلها وقراءتها على الأقل. وحتى محمد أركون الذي ألف كتباً ينتقد فيها الأديان، جعل كل المؤمنين متطرفين حين قال: «المؤمنون من كل الأديان يرفضون فكرة التطور». فكل ما جاء به أغلب الملحدين العرب هو حصيلة لقراءات سابقة ينقلونها مثل الببغاوات. أما من حيث المظهر الخارجي فعليه أن يكون حليق الذقن والشاربين، رغم أن ماركس كانت له لحية بطول لحية أبو بكر البغدادي، ولينين كانت له «سكسوكة».

السبب الثاني لكونهم «يكسرون الخاطر»، هو أن هذا الطراز من الملحد العربي يظل ملحداً إلى أن يتعلق النقاش بطائفته، حينها تتدلى لحيته فوراً وقد يضع العمامة، ويصبح متديناً يدافع عن طائفته ذات المنشأ الديني الإيمانية.

هؤلاء ليس لديهم أي نظرية سوى أنهم يخلطون بين الأديان والأساطير، متخذين من بعض الشخصيات التاريخية الفرعونية أو البابلية والإغريقية وغيرها، أمثلة على أن مفهوم الآلهة كان موجوداً عبر التاريخ.

بالمقابل، فإن الذين يواجهون هذا النوع من الملحدين، غالباً ما يكون فهمهم قاصرا، فأسهل الطرق التي يتبعونها هي شتمهم وتكفيرهم وزندقتهم. ورغم أنني ضد هذا الأسلوب، ومن دعاة النقاش، فإن المشكلة تتمثل في أن هؤلاء الذين يطرحون أفكارهم الإلحادية بهذه السذاجة ليس لديهم ما يمكن مناقشته. فالأمر بين الاثنين لا يرقى إلى مستوى نقاش فكري بينهما، بقدر ما هو مناوشات بين ابن لا يذهب يوم الجمعة إلى الصلاة وأبيه المتدين.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك