رسالة إلى وزيرة الشؤون الجديدة.. يوجهها عبد اللطيف بن نخي

زاوية الكتاب

كتب 795 مشاهدات 0

عبد اللطيف بن نخي

الراي

رؤية ورأي- إلى وزيرة الشؤون الجديدة

د. عبد اللطيف بن نخي

 

قبل أيام قليلة من جلسة استجواب وزير الدولة السابق لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله، قابلت بوخالد، وهو من معارفي المعاقين. وفي ذلك الصباح، افتقدت الابتسامة المعهودة في وجه بوخالد، لذلك سألته عن من اختطفها وعكر مزاجه. فإذا به يروي لي مسلسل معاناته مع الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة. فتعاطفت مع قضيته بشقيها: استنكاراته ومطالباته. وهي في الواقع ليست قضيته لوحده، بل قضية كل كويتي من ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يعانون من إعاقة حركية شديدة دائمة وكثير منهم منذ الولادة. لذلك قررت أن أكتب مقالا أناشد من خلاله معالي وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند الصبيح لرفع الظلم عن بوخالد ومن في حكمه.

استقالة الحكومة في الايام التالية دفعتني إلى تأجيل كتابة المقال لأسبوع أو اسبوعين إلى ما بعد تشكيل الحكومة الجديدة، لكي أضمن أن تصل مناشدتي إلى وزير الشؤون الجديد، القادر على ممارسة كامل صلاحياته الدستورية، عوضا عن مخاطبة وزيرة مكلفة بتصريف العاجل من الأمور فقط. لم أعلم في حينها الاسبوعين سيصبحون أسابيع متعددة، ولكن انتظاري تشكيل الحكومة عزز قناعتي بقضية ذوي الاعاقة الحركية الشديدة الدائمة. لأنني خلال تلك الفترة قابلت بوخالد مرات عدة، وبالرغم من عودة ابتسامته، إلا أن رأيه في هيئة المعاقين لم يتغير. لذلك، اليوم بعد أن أدت وزيرة الشؤون السابقة الحالية القسم الدستوري، أدعوها إلى التدخل المنهجي المثمر لإنهاء معاناة ذوي الاعاقة الحركية الشديدة الدائمة من هيئتهم بصورة جذرية لا فردية ولا موقتة.

في اللقاء الذي افتقدت فيه ابتسامة بوخالد واستمعت فيه لشكواه، أبرز لي بطاقة الاعاقة الخاصة به، وقرأ لي أحد بنود التعليمات المطبوعة في ظهرها، الذي ينص على أن «حامل هذه البطاقة له الحق في أولوية الحصول على الخدمات والتسهيلات اللازمة في مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية». ثم سألني مكتئباً: هل تعلم أن هيئة المعاقين لا تلتزم بهذا البند؟! واستكمل قائلاً: هل تعلم أن الأولوية في هيئتنا للنواب والواسطات؟!

ثم تساءل بوخالد: لماذا عليه وعلى جميع من لديهم شهادة إثبات إعاقة حركية شديدة منذ الولادة ودائمة، لماذا عليهم أن يراجعوا لجانهم الطبية من أجل إعادة تقييم حالة إعاقتهم؟ هل لأن الطب تطور كثيرا فأصبح من الممكن علاج حالاتنا المصنفة دائمة؟ أم لأنهم يريدون أن يكشفوا شهادات الاعاقة المزورة؟ لماذا علينا نحن - ذوو الاعاقة الحركية الشديدة الدائمة - أن نراجع مرارا اللجان الطبية لإعادة تقييم درجة إعاقتنا، ولا نرى أي محاسبة ومعاقبة رادعة للأصحاء المزورين والموظفين الذين اصدروا لهم تلك الشهادات المزورة؟

كنت أعتقد أن المحسوبية والواسطات في هيئة المعاقين مقاربة لما في الجهات الحكومية الأخرى، ولكن يبدو أنني كنت مخطئا. فالمشرع أضاف مادة قانونية كاملة لمعالجة آفة الواسطات إلى قانون رقم 8 لسنة 2010 في شأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وهذه المادة المرقمة (67) تنص على أنه «لا يجوز لأي موظف عام او اي شخص مكلف بخدمة عامة التوسط بأي شكل من الاشكال لدى احدى الجهات المعنية بشؤون ذوي الإعاقة لأي طرف من الاطراف سواء بطريق الأمر او الطلب او الرجاء او التوصية ويجب على تلك الجهات في هذه الحالة إخطار الهيئة والجهة التي يتبعها الموظف او المكلف المشار اليه لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه».

أتفهم الحاجة اليوم إلى إعادة تقييم درجة إعاقة حاملي شهادات إثبات إعاقة، وأجزم بأن بوخالد ورفاقه يعرفون مبرراتها، لأنهم متلمسون حالة تفشي شهادات الاعاقة المزورة. ولكنهم لا يتقبلون أن تستمر الهيئة بحلولها الترقيعية في تصديها للفساد المستشري فيها. ويطالبونها بتعزيز معايير الشفافية والنزاهة في جميع إداراتها ولجانها الطبية. كما يتوقعون أن تتم مراجعة وتقييم أعمالها بصورة دورية من قبل لجنة محايدة تشكل من غير موظفيها.

هذا بالنسبة لضفة مكافحة التزوير والفساد، وأما في الضفة المقابلة المتعلقة بكيفية تعامل الهيئة مع مراجعيها المعاقين وأهاليهم الأصحاء، فيأملون أن تؤهل الهيئة موظفيها، كما تؤهل البنوك موظفيها على استقبال عملائهم. فشكاوى التعامل الخشن والسيئ - من قبل بعض الموظفين - سمعتها من أكثر من معاق ومراجع. وفيهم من يشتكي من أن بعض موظفي الهيئة يعاملونهم كما لو أنهم في لجان خيرية. نعم هناك موظفون رائعون في الهيئة، ولكن في مقابلهم نماذج غير مناسبة للعمل في الهيئة.

يجب أن يتذكر هؤلاء ونحن جميعاً، أن حقوق المعاقين كفلتها الدساتير والقوانين السماوية والإنسانية والدولية والوطنية. ولذلك توفيرها وحمايتها ليست مجرد واجب مشترك بين افراد المجتمع ومؤسسات الدولة، بل ينبغي أن تكون رغبة أفراد ومؤسسات ودولة، وليست منة من قبل شخص أو جهة... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك