عدنان فرزات يكتب.. شجرة علي في الرابطة
زاوية الكتابكتب ديسمبر 29, 2017, 12:02 ص 1146 مشاهدات 0
القبس
شجرة علي في الرابطة
عدنان فرزات
إذا كان عملك من النوع الذي يحتاج إلى تأمل، فأقترح عليك اقتراحاً لن تشعر بلذته إلا بعد أن تجربه، أقترح عليك أن تذهب إلى عملك في الأوقات التي لا يكون فيها أحد من زملائك قد حضر بعد، أو في أيام العطلات، إن سمحت لك زوجتك طبعاً.
من عادتي أن أذهب إلى رابطة الأدباء في الأوقات التي لا يوجد فيها أحد، فحديقة الرابطة تغري بالتأمل وتفتح آفاقاً من التفكير. وفي إحدى هذه الجلسات قبل أيام، لفتت نظري شجيرات زيتون وبرتقال، تضفي على المكان نظرة جنائنية دافئة في نهار كان بارداً. لم أكن أعلم أن وراء هذه الشجيرات قصة حنونة أعادت إلى مشهد الذاكرة شاعراً غاب منذ سنوات قليلة عن الرابطة بسبب مرض ألم به.
سألت الموظف في الرابطة، أحمد متولي، عن هذه الشجيرات، فأخبرني بأن الشاعر علي السبتي هو من غرسها في تربة المكان قبل حوالي 12 سنة، حيث أحضر هذه الشجيرات وكانت صغيرة جداً، ثم قام هو والزميل متولي بغرسها، وهو من اختار لها المكان، وكان يشرف على رعايتها بين وقت وآخر.
بعد أن كبرت الشجيرات واشتدت أغصانها، اكتشف متولي أن إحدى شجيرات البرتقال قد حملت بعض الثمار، فأسرع نحو الشاعر علي السبتي يزف إليه البشرى، وكان السبتي معروفاً بحكمته وتأمله، فابتسم وهز رأسه المثقل بخبرات السنين، ثم بعد أيام طرح كما شجرة البرتقال قصيدة بعنوان «البرتقالة المضيئة»، وكتب عليها: «مهداة إلى أحمد متولي». ومن هذه القصيدة المفعمة بالشجن:
قال لي أثمر البرتقال
قلت: من بعد ما أثمر الهجرُ
والشعر آذن بالارتحال
***
القصدية مؤثرة جداً، وحين قرأتها وأنا أقف في الحديقة، شعرت وكأن شجرة البرتقال تمد أغصانها تسترق السمع وتطأطئ حزناً على غياب شاعرها السبتي بسبب المرض، الذي منعه منذ سنوات من الخروج من المنزل.
خطرت لي حينئذ فكرة، حبذا لو قام مجلس إدارة الرابطة الجديد بإطلاق اسم الشاعر علي السبتي على شجرة البرتقال، أو حتى شجرة الزيتون كون عمرها أطول في الحياة. وهذا عرف دارج في الغرب، كما أن المجلس الجديد للرابطة من النخبة المثقفة، والأمين العام طلال الرميضي معروف بوفائه لكبار أعضاء الرابطة، سيكون رائعاً إن وضعوا لافتة معدنية على إحدى هذه الشجيرات وسوروها.
إن أقدم المجلس على هذه الخطوة، فسوف يبقى الشاعر علي السبتي حاضراً يطل على هيئة شجرة.
تعليقات