الشعب ملَّ سير السلحفاة التي تسير به الحكومة نحو التنمية ونحو التغيير.. هكذا يرى محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 1120 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات السبت-«كلونا البدو»!

محمد السداني

 

كنت صغيرا أستمع إلى المذياع صباحا وأنا ذاهب إلى مدرستي الابتدائية، فأسمع صدفةً توجه الدولة لبناء مدينة في شمال الكويت تسمى- مدينة الحرير- ولا أعرف ماذا تعني هذه المدينة أو ماذا يعني الحرير، ولكني كبرت وكبرت الكلمات في عقلي، فعرفت أنها مدينة أحلام لطالما تحدثت عنها الحكومة بأنها ستشكل نقلة نوعية للكويت وستجعلها مركزا ماليا واقتصاديا للمنطقة، مرت سنوات بل عشرات السنوات وأنا على أمل أن أرى مدينة الحرير أمام عيني كما رأيت أمام عيني الكثير من المشاريع التي بيعت بالباطن، وكما رأيت بعيني خطط التنمية التي تراوح مكانها ولا تعدو كونها حبرا على ورق!

في الآونة الأخيرة عاد الحديث عن مدينة الحرير على الساحة من جديد وكأنها مخدر أو «تصبيرة» للشعب الذي ملَّ سير السلحفاة التي تسير به الحكومة نحو التنمية ونحو التغيير، ولم يكن فقط الحديث مقتصرا على الحرير، بل تعدى ذلك إلى الجزر وتطويرها للمستثمرين الأجانب وتهيئة الفرص الكاملة لهم ليعمروا جزر الكويت بمشاريعهم المختلفة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بكل قوة، كيف ستتمكن الحكومة من الدخول في مشروع ضخم مثل هذا المشروع، وقد أثبتت فشلها سابقا في مشاريع أصغر حجما ومكانة من هذا المشروع الذي يماثل بناء دولة أخرى داخل الكويت!

أنا أعرف جيدا أنَّ الرغبة التطويرية لدى الكثير موجودة ومتوقدة، ولكنَّ الأزمة ليست في هؤلاء، إنَّ الأزمة الحقيقية في مجموعة المتنفذين الذين لا يريدون خيرا لهذا البلد إلا من خلال أيديهم وشركاتهم ووكالاتهم، والتي أصبحت تشكل دولة داخل دولة، فلا مناقصات إلا عن طريقهم ولا شركات عالمية إلا وهم وسطاء في هذه الصفقات، وكأنَّ القدر وضعهم ليعرقلوا كل خطوة تسيرها الكويت إلى الأمام، وكأن أموال الدولة ونفطها ملك مشاع بين الدولة وبينهم، وهذا برأيي ما عرقل الكثير من المشاريع التنموية وجعلها تراوح مكانها في الأدراج دون تنفيذ.

إنَّ فشل الدولة في تنفيذ الخطط التنموية بشكل سريع - كما هو مطلوب - يكمن في تكالب المصالح بين مجموعة السيطرة ذات المال الوفير وبين الحكومة التي تخاف من أصغر استجواب يقدم لها من أي نائب، لأنها بكل بساطة لو كانت تسير وفق منهجية واستراتيجية صحيحة من دون تخبط أو تجاوزات لما أخافها استجواب من خمسين نائبا، ولكنَّ المثل العربي يقول: كاد المريب أن يقول خذوني، والحكومة بريبتها وخوفها من أي سؤال برلماني ستضطر إلى الانصياع لمجموعة السيطرة والقوة التي تعتبر الكويت مصدرا لتنامي ثرواتهم وأملاكهم، أما الحديث عن الأوطان فيكون حيث يكون الدولار أو الحسابات الخارجية التي لا يعلم أحد كيف تكونت إلا الله.

إني على ثقة أنَّ الواقع من الممكن أن يتغير بتغير الرؤية العامة للدولة بخصوص توزيع الثروات الذي تمارسه الآن مع مجموعة من الأشخاص، وأنَّ تؤمن الدولة بأنَّ الثروة الحقيقية هي الشباب المتعلم المثقف بتعليم صحيح خال من الغش والواسطة، بتعليم يتوافق مع المعايير الدولية لا معايير «نجحوا عيالنا»، أن تؤمن الدولة أنَّ العائلة والقبيلة والمذهب ليسوا عناصر مفاضلة في مناصب الحكومة، وأنَّ الكفاءة والعلم والخبرة وحب الوطن هي أسس العمل والترقي.

خارج النص:

- قال لي أحد الأقرباء: يا أخي «كلونا البدو» فقلت له كيف ذلك يا أخي، هل من أوقف جامعة الشدادية لسنوات بدو! وهل من أخَّر مشروع المترو بدو! وهل من أخر مشروع الشمال بدو! وهل من أخر مشروع مطار الكويت بدو!، إنَّ الذين أكلونا هم في الحقيقة من يشار لهم بالألقاب الفخمة ويتصدرون دواوين كثيرة، ويقدمون بأنهم نخب المجتمع وصفوته.

- أحد الوزراء السابقين قال لي: عندما حاولنا إقرار مشروع المترو مع إحدى الشركات الأجنبية - بتكلفة لم نحلم بها - جاءني اتصال وقال لي: «كنسل المشروع»، فسألته مستغربا من الذي اتصل بك، فقال: خلني ساكت!

- إحدى الوزارات مقبلة على تغيير في هيكلها القيادي والذي سيثبت لنا أن المناصب الوسطى في الدولة من الممكن أن تورث.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك