عدنان فرزات يكتب.. حلوات وكذابات في 1/1

زاوية الكتاب

كتب 870 مشاهدات 0

عدنان فرزات

 

القبس

حلوات وكذابات في 1/1

عدنان فرزات

 

الشيء الوحيد الذي يتغير في حياة الإنسان العربي من عام إلى عام هو الروزنامة التي على مكتبه.

في مثل هذا اليوم «يسترزق» المنجمون على الفضائيات، وثمة ملاحظة تستدعي الانتباه، فكل المنجمات النساء جميلات باستثناء واحدة أو اثنتين من الجمال الوسط. أما البقية، فهن عكس الصورة النمطية التي كانت سائدة عن المنجمات اللواتي نقرأ عنهن في الحكايات الشعبية أو قصص الأطفال، من أن المنجمة لها أنف طويل وذقن مدبب فيه شعرة واحدة وشامة كبيرة، وتظهر ساقاها الرفيعتان وهي تركب فوق مكنسة. أما اليوم، فالمنجمات الفلكيات، خصوصاً اللبنانيات، يجعلن برج الثور غزالاً.

ويبدو أن الجني الذي يتقمص هؤلاء المنجمات صاحب ذوق رفيع يعرف كيف يختار، رغم أن هناك منجمات عالميات شهيرات، ولكنهن لا يتمتعن بقدر كاف من الجمال، مثل البلغارية فانغا، والمنجمة «سوي وين» من ميانمار التي كانت تشبه الكائنات الفضائية، ولكن الجن أذواق كما البشر. وجمال المنجمات العربيات يجعلك تغفر لهن احتيالهن وكذبهن على الجمهور على مبدأ الأغنية: «حلوة وكذابة».

عموماً، فنحن لا نصدقهن فقط لأنهن جميلات، بل لأن الكثيرين منا يائسون ومهزومون من الداخل، ويتعلّقون بقشة تيس، فقد ظهر في الثمانينات تيس يدر الحليب في مدينة البوكمال السورية التي اشتهرت مرتين، مرة لظهور تيس حلوب فيها، ومرة لظهور داعش. أما في الحالة الأولى، فبعد ظهور هذا التيس لدى أحد المزارعين، سارع العديد من الناس من كل اتجاه جغرافي لنيل قطرات من حليب التيس، إما للشفاء أول الحمل أو تحقيق الأمنيات، بل إن إحداهن قامت بتقليد التيس قلادة من ذهب 24 قيراطاً، من حرّ مال زوجها المرتشي والفاسد.

وللإنصاف، فليس بعض العرب وحدهم يقعون في هذا الفخ، فقبل سنتين أقرت عرّافة في منتصف العشرينات من عمرها بذنبها أمام محكمة في نيويورك بتهمة ابتزاز بريطاني بمبلغ يفوق 500 ألف دولار، بعدما اعتقد بأنها تملك قدرات خارقة، طالباً منها إعادة صديقته المتوفاة.

وعلى سيرة إعادة الموتى للحياة، فثمة رجل بخيل وافته المنية فأقام له أفراد أسرته وفق العادات الاجتماعية المكلفة عزاء كبيراً تكبدوا فيه مبلغاً ضخماً من المال، فما كان من أحد المعزين إلا أن قال لأهل المتوفى لو أنكم وضعتم المبلغ على قبره لعاد حياً.

السؤال الذي يتداوله العرب بينهم في مثل هذا اليوم من كل عام هو: «ما أمنياتك للعام الجديد؟»، ونادراً ما يتم طرح السؤال المحرج: «ما الذي حققته خلال العام الذي مضى؟».

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك