شهدت السنوات الاخيرة افراطا في تجاهل القراءة السليمة للساحة السياسية وتحدياتها.. برأي خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 891 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة- التغيير.. ليس مستحيلاً!

خالد الطراح

 

جاء التغيير الوزاري الأخير بما نترقب ولا نستغرب، فقد كان واضحا انه لابد من تغيير يضاعف نقاط القوة بدلا من الضعف.. جاء التغيير الحكومي بمزيج من اختار التحدي وقرر خوض المعركة السياسية، وفيها ربما من فرضته ظروف مختلفة!

خرجت من التشكيل الجديد بعض الأسماء، التي حاولت الاصلاح، وهو ليس تنازلا او ضعفا، وإنما اعتراف بالواقع السياسي، وبقيت اسماء اخرى، وهو لا يعني أيضا أنهم من نقاط القوة أو رموز للإصلاح!

الاهم والمهم ان التشكيل الوزاري برئاسة سمو الشيخ جابر المبارك قد يحمل تغييرا في القريب من الأيام أو الشهور، والتغيير من الطبيعي أن يكون سياسيا، فالكويت شهدت تراجعاً حاداً على مستويات مختلفة، ولم يعد من الممكن غض الطرف عما يجري اكثر مما مضى من سنوات.

شهدت السنوات الاخيرة افراطا في تجاهل القراءة السليمة للساحة السياسية وتحدياتها، ربما بسبب المحيط الحكومي وبعض اعضاء الحكومات السابقة، وربما ايضا بسبب الاذعان لأصوات عزفت على اوتار الوهم حتى بلغ الامر حدا غير قابل لاستيعاب المزيد من الاجتهاد، وتصوير العلاقة مع مجلس الامة على أنها صعبة او مستحيلة، او انها مصدر فشل الادارة الحكومية.

القطب الثقيل والمؤثر في الحكومة الجديدة لا شك انه الشيخ ناصر صباح الاحمد، النائب الاول لرئيس الوزراء وزير الدفاع، الذي دخل الحكومة بشكل ليس مفاجئاً، وإنما بنظري دخل التشكيل الوزاري لأن الوضع العام بلغ مستوى لا يحتمل التأجيل والمجازفة، حتى لا تصبح الكلفة السياسية معقدة جدا قد تقود الى خسارة سياسية.

معرفتي بالأخ الفاضل الشيخ ناصر متواضعة جدا على الصعيد الشخصي، ولكنها كافية لإبداء الرأي بحسب تسلسل تاريخي سياسي، فقد كان للشيخ ناصر رأي وموقف جريء حينا، وحاسم حينا آخر منذ قبل الغزو وبعد التحرير ايضا، وقد اتسمت مواقفه بالواقعية والبراغماتية السياسية، لكن الظروف ربما تطلبت منه ان يكون متأنيا تقديرا لظروف استثنائية ذات طبيعة خاصة.

الحنكة السياسية ليست مواهب يكتسبها الانسان، وإنما تتوافر نتيجة خبرات متراكمة تعتصرها الظروف والتحديات وتشترطها من يسعى الى صناعة القرار وتحمل تداعياته من دون المراهنة على محيط من ذوي المصالح او اصحاب الاجندات السياسية والمالية.

نحن فعلا بحاجة الى حكومة متناغمة يقودها من هو قادر على محاسبة وزرائه ومساءلتهم من دون مجاملة او تهاون.. نحن بحاجة الى حكومة قادرة على التفريق بين نواب ووزراء همهم رضاها وليس الشعب.. نحن بحاجة الى حكومة قادرة على ترجمة الالتزام بالديموقراطية الدستورية فعلا وليس قولا.. نحن بحاجة الى حكومة تستهدف اجتثاث الفساد السياسي والمالي من جذوره، فدماثة الاخلاق والقلوب الحنونة صفات ربما لا تنتفع منها الكويت على الدوام.

للتاريخ، لابد من التذكير بالقرارات التي اتخذها الشيخ ناصر بعد تسلمه منصبه وزيرا للديوان الاميري، حين طوى سنوات من العقود الفلكية بملايين الدنانير لشخصيات متنفذة، وتحمل برحابة صدر طعنات وتصريحات لم تجعله يرضخ للمساومة يوما، لأنه يعلم مسبقا ان الكلفة السياسية لمثل هذه القرارات عالية جدا!

التحديات الراهنة تقتضي من كل من الاخوين الشيخ جابر والشيخ ناصر التفاهم والتعاون، حتى تتحقق تطلعات وأمنيات طال انتظارها، وثقتنا كبيرة بهما على تجاوز التحدي وتدشين مرحلة سياسية مفعمة بالتغيير والتجديد.

ملفات سياسية واقتصادية معقدة بانتظار تدخل الشيخ ناصر شخصيا وتحمل عبئها، فالرحلة ستكون صعبة وشاقة، وكلنا امل ان تتكلل كل الجهود بالنجاح والتوفيق لمصلحة الكويت حكومة وشعبا.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك