عدنان فرزات يكتب.. دعاء مدفوع الثمن

زاوية الكتاب

كتب 1357 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

دعاء مدفوع الثمن

عدنان فرزات

 

 

نحتاج إلى من يذكرنا بالحياة أكثر مما نحتاج إلى من يذكرنا بالموت، وكلاهما آية من آيات الله عز وجل، فلماذا تنهال الرسائل والمواعظ التي يصنع لك أصحابها قبراً وأنت على قيد الحياة؟!

باستثناء الفراعنة الذين جعلوا من الموت عالماً مذهلاً من خلال الأهرامات والتحنيط والاهتمام بالإنسان بعد رحيله، فإن الأديان أولت أهمية كبيرة للحياة وكيفية بنائها على الأخلاق والقيم والتطور المدني، ولكن ما إن تفتح موبايلك أو مواقع التواصل الاجتماعي حتى تُصدم بأكفان وقبور وكأن الحياة ستنتهي غداً.

لو أن الإنسان وضع هاجس الموت والفناء أمامه لما أنجز شيئاً، حيث سيصاب باليأس واللاجدوى من صنع أي شيء، طالما أنه قد يرحل بين لحظة وأخرى، لذلك فإن فكرة الحياة من شأنها أن تمنحنا رغبة أكبر في تحقيق إنجاز ما.

النوم عندنا نحن العرب أحد معوقات الإنجاز، لذلك في العام الذي مضى قبل أيام، اخترع أحدهم ساعة منبه فكرتها بسيطة، لكنها عظيمة، وباعتقادي أن العرب يحتاجون هذا الاختراع أكثر من غيرهم، وهذا الاختراع يتمثل في أن ساعة المنبه هذه عندما يحين التوقيت الذي تم ضبطه عليها، فإنها تهرب من النائم في كل اتجاه بالغرفة، فلا يتاح له إغلاق المنبه بسهولة ويضطر للنشاط بعد وصلة الركض وراء المنبه. وهذا باعتقادي أهم اختراع يتغلب على فكرة «الغفوة»، التي يمنحها إياك منبه الموبايل متواطئاً مع الكسل. خصوصاً أن العام الفائت مر من دون اختراع حاسم لبعض الأمراض، رغم أننا نسمع بين الحين والآخر عن ابتكار دواء جديد، ولكننا لا نراه، وكأن شركات الأدوية تعتاش على وجود هذه الأمراض. التي يلجأ أصحابها للأعشاب وللدجالين.

كثير من اليائسين ربما يقول لك: وما الفائدة من استيقاظي؟ وما أهمية وجودي أو عملي في الحياة؟ وهنا تكمن المصيبة في جهل أهمية الأشياء البسيطة، لأن فنجان القهوة الذي تعده لك زوجتك، وأنت ذاهب إلى عملك، شأنه عظيم، فعدا عن كونه يعدل مزاجك، فهو يمنحك شعوراً بالاهتمام العائلي بأنك ذاهب للعمل من أجل هدف يستحق الحياة. الطبيب الذي يواجه المريض على سرير المستشفى بابتسامة، فهو يمنحه ثلثي العلاج.

في يوم الجمعة، تكثر الرسائل التي تذكرنا بالموت لا الحياة، بل أكثر من ذلك أصبح الدعاء سلعة للبيع، فتأتيك رسائل تعرض عليك الاشتراك بدعاء ما بمقابل مادي، رغم أن الله عز وجل يقبل دعوة «الأشعث الأغبر» إذا دعاه.. وبالمجان.

 

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك