رسالة لمعالي وزير التربية - تكتب نوير عبدالله الدوسري
زاوية الكتابكتب يناير 27, 2018, 6:52 م 1137 مشاهدات 0
رسالة لمعالي وزير التربية ...
بداية أحب أن أتقدم لمعاليكم بالتهنئة على توليكم منصب وزير التربية وزير التعليم العالي وأود أن يقرأ معاليكم بعض ما يراه أهل الميدان التربوي والاستماع لوجهات نظرهم وليس القيادات والمسئولين وأعضاء اللجان الذين يتم اختيارهم وانتقاءهم ليكونوا رأي يمثل جزء من واقع ميداننا التعليمي ويعطي لمعاليكم صورة غير كاملة للمشاكل والقضايا التربوية الشائكة والمتشعبة والتي أوصلتنا تعليمياً لأدنى مراتب السلم التعليمي عالمياً ..
وسأحاول أن أوجز في هذه الرسالة أهم القضايا وبشكل مختصر ما ينبغي الاهتمام بها وحلها بشكل عاجل ودون تأخير وهي :
أولا : السياسة التعليمية التي تنتهجها وزارة التربية تقوم على الخطط طويلة الأمد مثل الخطة الاستراتيجية التربوية 2025 وكذلك خطة التنمية ورؤية دولة الكويت 2035 وقد قامت وزارة التربية بوضع خطة قصيرة الأمد انطلاقاً من تلك الرؤية بدأت سنة 2013 واطلق عليها خطة تطوير التعليم 2013 - 2018 ولمدة خمس سنوات وأوكل هذا البرنامج للمركز الوطني لتطوير التعليم لتنفيذه والاشراف عليه ومتابعته ولكن ومع الأسف لم يتوقع أكثر المتشائمين أن نصل للعام الخامس من هذه الخطة 2018 والانجاز في الخمس سنوات لا يتجاوز 10%
نعم فشلت الخطة ولم يحاسب أحد وتغير القياديون المشرفون عليها ولم يتموا خطتهم وأهدرت الأموال وضاعت الجهود وكانت النتيجة النهائية أن حصلت الكويت في اختبارات بيرلز وتيمز على المركز الأخير !!!
ألا يشعركم يا وزير التربية بعد هذه الفضيحة المدوية بالخوف على مستقبل التعليم في الكويت وعلى أجيالنا القادمة ؟؟ ألم يتبادر إلى ذهنك طرح هذا التساؤل إلى أين نحن ذاهبون في ظل هذا التوهان والتخبط من خطط وضعت وكتبت بشكل جميل ولكنها عند التطبيق فشلت وباعتراف كل من له معرفة وعلم بالشأن التعليمي !!!
كل ذلك حدث ويحدث لأن من يقود دفة التطوير في التعليم ليسوا من أهل الميدان ولم يكونوا يوماً ما معلمين وبدلاً من الاستعانة بالكفاءات التربوية الكويتية جاءوا لنا ببدعة البنك الدولي الذي لا يفقه في التعليم شيئا والسبب هو تنفيع صاحب العقد الاستشاري والبالغ تقريبا ( 34 مليون دينار ) وذلك على حساب المعلم والمتعلم .
ثانياً : هيكلية وزارة التربية مازالت تقوم وتدار بأسلوب إداري روتيني يعتمد اعتماد كلي على المركزية ، فهل يعقل أن وزارة بحجم وزارة التربية يوجد بها أكثر من 120 الف موظف لا يوجد فيها الا وكيل تعليم واحد ووكيل اداري واحد ووكيل مالي واحد ؟؟؟ كيف يمكن لهذا المسئول أن يقود ويؤدي كل واجباته الادارية والاجرائية الاعتيادية ؟؟ ماهي هذه الامكانات التي يمتلكها هذا القيادي ليستطيع ان يترأس الاجتماعات ويدير كل شئون عمله ؟؟ وهل يمتلك الوقت الكافي للنظر ببرامج التطوير ؟؟ ام يلتفت للمشاكل والمراجعات والاحداث اليومية التي يلقاها على مكتبه ومراجعيه ؟؟
ان عقلية ادارة الوزارة من السبعينيات هي نفس هذه العقلية مع الاسف ؟؟ لذا فلا تتوقع يا وزير التربية ان تجد نجاحاً وتطويراً وحلولاً لمشاكلنا اذا استمرت وزارة التربية في نفس هذه الهيكلية الادارية الرتيبة !!
نحن نحتاج لأفكار إدارية حديثة وهيكل اداري جديد يعتمد على اللامركزية ويطلق المناطق نحو الاستقلالية الكاملة لنخلق بينهم روح المبادرة والتنافسية مع المتابعة والرقابة والاشراف من قبل الوزارة .
ثالثاً : إن من أهم القضايا المطروحة في هذه الأيام منهج الكفايات وما أدراك ما منهج الكفايات !! وكنت قد كتبت مقالا تفصيلياً عن رأيي في منهج الكفايات قبل عامين( في 20 / 11 / 2016 ) وحذرت من التوسع والاستمرار في تطبيقه وتمنيت أن يصدر من الوزير السابق قراراً بوقف هذا المشروع فمعظم الملاحظات والسلبيات التي ظهرت في هذا البرنامج مازالت مستمرة ولم يتم تدارك المشكلة فالمعلم تائه والطالب فاقد للمعرفة وولي الامر ضائع بسبب عدم الوضوح والادارة المدرسية غائبه أو مغيبه .. والقياديين المشرفين على هذا المشروع يلقون باللائمه على الكل !!
والكل يلوم الكل !!!
والخاسر الأكبر هنا هو الطالب مع الاسف !!
أوقف يا وزير التربية هذا المشروع .. واستعن بخبرات من الميدان والاكاديميين التربويين المختصين بالمناهج والتقويم والقياس ليقوموا بدراسة هذا الملف خلال الفترة القادمة وبشكل عاجل ليتم اعادة الامور لنصابها الصحيح
رابعاً : من الظواهر التي شغلت وتشغل الرأي العام مشكلة انتشار ظاهرة الغش في الاختبارات وخاصة في المرحلة الثانوية .
وباعتقادي ان اي مشكلة ينبغي قبل ان نتحدث عن حلها وكيفية مواجهتها لنسأل أنفسنا بعض الاسئلة كتشخيص للواقع
هل الغش منتشر في جميع المدارس ؟ وهل هي في كل المناطق التعليمية ؟؟ وما نسبة ذلك لدى الطلبة وماهي نسبة الغش لدى الطالبات ؟؟
وماهي نسب النجاح في المدارس ؟
وهل هذه الظاهرة منتشرة في مراكز المسائي وتعليم الكبار ؟؟ ام في طلاب المدارس الخاصة ؟؟
فالمسئولين في وزارة التربية تصلهم تلك النسب والأرقام سنوياً من خلال وحدة تحسين الاداء التي طبقت في جميع مدارس الكويت الا اننا لم نستفد ونحلل تلك الارقام والاحصائيات بشكل جيد حتى نضع يدنا على مكامن الخلل .
فظاهرة الغش يمكن الحد منها اذا اصدرنا القرار المناسب وحاسبنا المخطئ ولم نتهاون مع المقصر .. فنقل الطلاب او تدوير الادارات المدرسية أو التشدد باللوائح باعتقادي ليس حلاً ناجعاً وسيخلق مشاكل اخرى نحن في غنى عنها ، وسيكون المتضرر منها الطالب المتميز بشكل مباشر ، ما نحتاجه اليوم تطبيق ومحاسبة المقصر على اي مسئول لم يقم بدوره بالشكل المطلوب ، ويمكن تشكيل لجان متابعة شبه دائمة ( يشارك بعضويتها القطاع القانوني في الوزارة ) يشرف عليها وتتبع وزير التربية أو وكيل الوزارة مباشرة تقوم بالزيارات لمقار اللجان وتتابع أداءها في أثناء فترة الاختبارات وتكون لديها كافة الصلاحيات القانونية لاتخاذ اي قرار ورفع التوصيات للوزير بشكل مباشر وسريع .
خامساً : لا يخفى عليكم حاجة المعلم للتدريب والتطوير ولذلك وضعت الوزارة قطاعاً كاملاً يعنى ويهتم بتدريب المعلم ووضع البرامج والحقائب التدريبية التي يحتاجها الميدان الا اننا نعيش اليوم واقعا تعمه الفوضى وتداخل الاختصاصات ، فالمعلم يتم استدعاؤه للمشاركة في برامج التدريب والدورات التي تقدمها وزارة التربية متمثلة بقطاع التدريب والتطوير وكذلك يتم تكليفه بالمشاركة بالدورات التي تقدمها المناطق التعليمية ناهيك عن البرامج والدورات التي يقوم بها قطاع التوجيه الفني ويجبر فيها المعلم الحضور والمشاركة !!
كما ان بعض الادارات المدرسية تقوم بعمل دورات تدريبية للمعلمين ويتم دعوتهم كذلك للمشاركة .. فهل هذه الدورات والبرامج التدريبية مبنيه على اسس علمية ومنهج تدريبي يخدم المعلم ؟؟ وهل العناوين لهذه الدورات تتعلق باحتياجات المعلمين وتخدم تنميتهم ؟ ومن الذي يقوم بتقديم هذه الدورات ؟
ثم والاهم من ذلك هل قام من قدم تلك الدورات بقياس مدى استفادة المتدربين من هذه الدورات والبرامج ؟
يا وزير التربية نحن فعلا نعيش فوضى تدريبية عارمة سواء من حيث تضارب الجهات او المادة العلمية او المدربين ، نحن نحتاج لتوحيد الجهة التي تشرف وتنظم مثل هذا المحور الهام وتحديد جدول زمني واضح لا يتداخل مع المواعيد الهامة كفترة الاختبارات او الاجازات ويختار المدرب الخبير الكفؤ وليس كل من لديه شهادة مدرب معتمد والتي اصبحت من الشهادات التي تباع بأبخس الاثمان .
ختاما .. اعتذر عن الاطالة يا معالي الوزير ولكن هذه القضايا والمواضيع التي طرحتها هي بكل تأكيد جزء من هموم الميدان واعلم ان هناك قضايا ومواضيع كثيرة لم اتطرق لها وقد يكون لدينا الفرصة مستقبلا التنويه والاشارة اليها ، مع تمنياتي أن تلقى هذه الملاحظات والافكار نصيبها من الدراسة والتطبيق لا أن يتم حذفها وطيها وتكون كغيرها حبيسة للأدراج .. حينها لا ينبغي علينا أن نتأسف على حال مستوى التعليم وما وصلت اليه الكويت بين بقية دول العالم ..
فاللهم بلغت .. اللهم فاشهد
نوير عبدالله الدوسري
المديرة المساعدة في مدرسة أنيسة بنت خبيب الثانوية
تعليقات