عدنان فرزات يكتب.. جنسية نوادي القراءة في الكويت

زاوية الكتاب

كتب 480 مشاهدات 0


القبس

جنسية نوادي القراءة في الكويت

عدنان فرزات

 

العلاقة بين القهوة والقراءة أشبه بالعلاقة بين شخص يعيش بمفرده مع آنية زهور، حيث تنبعث الحياة في الزهور، وتصبح كما لو أنك تتحدث مع إنسان. وكثير من الإبداعات خرجت من المقاهي، سواء في الوطن العربي أو في الغرب.

في الكويت تبدو ظاهرة المقاهي الثقافية حديثة نسبياً، وتُحسب إلى الجيل الجديد من المثقفين الشباب، الذين خرج بعضهم عن نطاق الأماكن الرسمية للثقافة نحو فضاء أوسع، يكون النقاش فيه أكثر عفوية وتلقائية، كما أن هذه الأمكنة لا تتقيد بدوام رسمي، ما يتيح للجمهور الحضور في أوقات تتناسب ربما مع أشغالهم والتزاماتهم اليومية، كما تتاح لهم مناقشة كتب ربما لا تتناسب مع ضوابط المؤسسات الرسمية.

وقد تشكّل في الكويت ما أصبح يُعرف بنوادي القراءة، ومعظم أعضاء هذه النوادي من الهواة الشغوفين بالكتاب أكثر حتى من المحترفين أحياناً، وبعض هذه النوادي تضم الهواة والمحترفين، وهذا النوع الثاني رأيته في نادي «المعاني» للقراءة، الذي يضم نخبة من المثقفين الهواة والمحترفين.

كنت قبل لقائي بنادي «المعاني» أظن أن النقد والتحليل الأدبي حكراً على النقاد والمشتغلين بالأدب، كتابةً ونشراً، ولكن بعد لقائي بهذا النادي فوجئت بأن القارئ أحياناً أهم من الناقد، لأن القارئ محايد وموضوعي، ليس بينه وبين الكاتب أي مواقف مسبقة، كأن لا تسلّم على ناقد كما يجب، أو لا تضع له «لايك» على تغريدته، فيسلخ جلد كتابك نقداً. ونادي «المعاني» يتخذ من أحد المقاهي الراقية مقراً له، حيث تُلقي نظرة شاعرية على بحر السالمية، ثم تدخل المكان الذي جهزه أصحابه لمحبي الكتاب فوضعوا لهم مكتبة مليئة بشتى أنواع المعرفة، وأعدوا لهم جواً هادئاً يليق بالتركيز أثناء القراءة.

كانت الدعوة قد وجهتها إلي الناشطة الثقافية والإعلامية فاطمة النهام، لمناقشة روايتي «تحت المعطف». ونكاية بالذين يروجون بأن الناس لا يقرأون، فقد وجدت مجموعة مدهشة من الذين يقرأون حتى ما بين السطور، جمهورا من المثقفين القارئين ليس لروايتي فقط، بل لكثير من الأعمال الأخرى، ولفت نظري أنهم يحللون ما يقرأون بأسلوب عميق جداً، حتى إنهم اكتشفوا عبارات حقيقة لم أنتبه إليها حتى أنا.

الميزة في هذا النادي وغيره من نوادي القراءة في الكويت، أنها مزيج من ثقافات أبناء البلد والوافدين. في هذه النوادي تشعر أنك في عالم كوني لا حدود فيه، وأن الجنسية الوحيدة السائدة بين الجميع هي جنسية الثقافة.

 

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك