ليس هناك صراع من أجل الحرية أو الديموقراطية في سوريا كما يدعي الكثيرون.. بوجهة نظر عبد اللطيف الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 793 مشاهدات 0

عبد اللطيف الدعيج

القبس

«ما بشكونا»

عبد اللطيف الدعيج

 

في نهاية الخمسينات أو بداية الستينات كنا في «الزبداني ــ سوريا»، في منزل المرحوم عبدالعزيز المزيني، اتت «العلوية» تبكي، والعلوية هي الخادمة عند الشوام، تماماً مثلما الهندية أو الفلبينية عندنا. بكت أمام الجميع بحرقة لأن أحداً أهانها أو أخطأ بحقها، وهي لا حول ولا قوة لها تجاه جبروته. الحضور ردوا ببساطة أو بالأحرى باستغراب: «روحي المخفر»، وكان الجواب كلمة لا تزال ترن في أذني حتى الآن: «ما بشكونا». الكلمة لفتت انتباهي لأني لم أفهمها ــ لصغر سني وقلة معلوماتي ــ في ذلك الوقت لا حرفاً ولا معنى.

الآن أو في الواقع منذ صعود صلاح جديد والأسد إلى السلطة في سوريا اتضح معنى الكلمة. فالخادمة هي من الطائفة العلوية، وهي تدعي أن المخفر أو الشرطة لا تقبل الشكوى من «علوية» ضد السني، الذي اعتدى عليها. الطائفة العلوية كانت مضطهدة في ذلك الوقت من قبل السنة، يعني على العلوي أو العلوية تقبل الظلم أو الاضطهاد والتعايش معه، هكذا كانت الحال قبل صعود العلويين إلى السلطة.

استغل العلويون سلم حزب البعث للتسلق إلى السلطة. واتخذوا السلطة الحزبية القومية ستاراً لحكمهم الطائفي، منذ منتصف سبعينات القرن الماضي وإلى حد ما حتى الآن.

لا اعتقد أنهم حولوا السنة إلى خدم، ولكني على ثقة من انهم أنهوا التفرقة والمعاناة التي كانت مصدر ألم للطائفة العلوية، وعلى ثقة أيضاً أنهم شاؤوا أم أبوا حوّلوا هذا الاضطهاد إلى الطائفة السنية.

ليس هناك صراع من أجل الحرية أو الديموقراطية في سوريا كما يدعي الكثيرون. وإن كان.. فإن النظام العلوي في سوريا أقرب الى كل هذا من متخلفي الوهابية ودعاة السلف. فبعد ما يسمى بالربيع العربي، بدأ النظام في سوريا يتجدد، ويتجه أكثر إلى المدنية منه إلى الطائفية، أو على الأقل هكذا بدا الأمر. لكن القوى الطائفية والرجعية في المنطقة أبت إلا أن تقطع طريق التمدن والتقدم على أهل سوريا، فكان التحالف الرجعي الإقليمي مع الباغي من الدول الكبرى للعبث بأمن وسلامة الشعب السوري بكل طوائفه.

ما يحدث في سوريا اقتتال طائفي بحت، على الأقل هو بدأ كذلك، وفي غالب الظن لا يزال. وكل تدخل عسكري من قبل أي طرف هو انضمام إلى هذا الاقتتال البغيض، وهو عداء سافر للإنسان والسلام والأمن في سوريا.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك