هل نحن أمام حالة انفصال عن الواقع أم انفصام في القرارات الحكومية؟!.. يتسائل خالد الطراح
زاوية الكتابكتب إبريل 28, 2018, 11:39 م 3173 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- دون كيخوته.. واقع كويتي!
خالد الطراح
دون كيخوته (DON QUiJOTE) هو اسم رواية شهيرة للروائي الاسباني ميغيل دي سريفانتس (MIGUEL DE CERVANTES) الذي بدا في روايته مصابا بهوس عاطفة الخيال، وانجرف وراءها، محاولا من خلال مراحل مختلفة ترسيخ العدالة الاجتماعية، ودعم الضعفاء، وربما التعبير الامثل للمسحوقين والمضطهدين على الأرض!
الروايات بشكل عام اما ان تكون من نسيج الخيال، وإما في الواقع انعكاسات واسقاطات للواقع على مجمل تطورات مراحل الحياة التي يشهدها الروائيون والفنانون والأدباء من زوايا مختلفة.
روايات عديدة يمكن ان يقرأها الفرد وربما رياح النسيان تغمرها نتيجة الضغط الذهني والتقدم العمري، لكن احيانا حين يشهد الانسان احداثا تبعث على الغرابة والتناقض الشديد يصطدم الفرد في واقع ربما يكون محل تندر احيانا، ومحل رفض قاطع احيانا اخرى الى درجة عدم الاستسلام لمحاولات تبرير واقع غير منصف!
الانفصال عن الذات صعب جدا، الا في حالات تقتضي ذلك، والأكثر قدرة على ذلك ربما هم الفنانون والأدباء الذين يستمدون احيانا من محيطهم الافكار للتعبير عنها باساليب وأشكال مختلفة من دون ان يفقدوا التوازن او تناسي حقيقة الواقع!
الرواية الاسبانية يعود تاريخها الى القرن السابع عشر، لكنها حضرت امامي في 2018، على رغم اني لست محترفا في قراءة الروايات، فإنني وجدتها من خلال تجربة واقعية انها نافذة مفيدة جدا للتعرف على واقع سياسي واجتماعي تاريخي، كروايات تولستوي وديستويفسكي، فقد فرضت علي متطلبات العمل ابان مرحلة الاتحاد السوفيتي التعرّف على حقبة تاريخية مهمة من التاريخ من خلال نافذة تلك الروايات، وكذلك الحال حين تطلب العمل التردد كثيرا على مدينة مدريد العريقة بتاريخها.
ان المتتبع اهتمامات بعض الادارة الحكومية تبدو فعلا وكأنها في حالة انفصال عن الواقع، فتراجع حاد للكويت بموجب مؤشرات مدركات الفساد والديموقراطية والتعليم والاقتصاد والصحة والأمن، لم تجذب تركيزا وكذلك ملفات تحمل في طياتها تحديات كبيرة تستوجب حلولا ملحة!
من الملفات اللافتة ان شخصيات عديدة بدرجات مختلفة استقالت من مناصبها، اعتراضا على قرارات خاطئة، في حين استقالات اخرى اخذت صخبا سياسيا واهتماما غير مبرر!
في المقابل، هناك شخصيات على مستويات مختلفة ضربت رقما قياسيا في مناصبها، من ناحية السن وسنوات الخدمة ايضا، ولم يستطع احد ان يغيّرها، على الرغم من محاولات علنية وغير علنية لبعض نواب الامة وغيرهم في تقديم المشورة للحكومة بالمبادرة بالتغيير، الا انها مساعٍ لم تجد لها آذنا مصغية، بينما يتم تغيير وإقالة من لهم بصمات في الاصلاح والتطوير بقرارات تعسفية، واستبدال شخصيات بهم، عليها علامات استفهام، خصوصا غير المستحقة منها، مقارنة بغيرها في نفس الجهة!
شخصيات عديدة بعضها دفعت حياتها ثمنا لمواقف وطنية، وبعضها لحقت بها الاساءة بذممها وتشويه بسمعتها وسمعة اسرها لم تنصفها الحكومة، وهو عدم انصاف وانفصال تام عن الواقع والتاريخ، في حين يتم في الغالب تكريم وتقديم من هم على قائمة المحاصصة والمقايضة الحكومية وسياسة الترضيات!
هل نحن امام حالة انفصال عن الواقع ام انفصام في القرارات الحكومية؟!
هل يمكن للإصلاح ان يجد له طريقا في ظل تشويه للواقع وتغييب للحقيقة؟
واقع الحال يحمل اجابات وافية لهذه الاسئلة وغيرها، فهكذا تسير رياح اليوم في وطن الدستور!
تعليقات