عشية حكم محكمة التمييز

زاوية الكتاب

قضية دخول المجلس .. البراءة المستحقة - يكتب د.سند الفضالة

كتب 4955 مشاهدات 0


إن ما أستدعى الكتابة في هذا الموضوع هو أن 'البعض' و بعد صدور حكم الإستئناف بحبس الشباب الوطني من5 الى 9

سنوات أبدى الكثير من الفرح و السعادة أبتهاجاً بتلك الأحكام و من جملة ما قالوا أن تلك الأحكام 'بردة كبودنا'.. و كأن الشباب أرتكبوا كل جرائم الدنيا ضد الكويت .. و تناسا ذلك 'البعض' -أما نفاقاً أو تزلفاً- أن السبب الرئيسي لدخول المجلس هو تلويث طهارة مجلس الأمة بمجموعة من النواب القبيضة .. والمسؤول الذي رشاهم ....
الأحكام القضائية هى عنوان الحقيقة عندما تبنى تلك الأحكام على الجزم و اليقين وليس على الشك و التخمين.. و كذلك هى عنوان الحقيقة عندما تصدر
من ضمير حي يسعى لتطبيق القانون .. و روح القانون .. دون أي تأثيرات ..
و القاضي بطبيعته و حسه الإنساني يسعى جاهداً للبحث عن أسباب البراءة دون الإدانة .. و القاعدة القانونية تقول أن الشك دائماً يفسر لصالح المتهم ...
و قد سبقنا رسولنا الكريم لهذا الفكر حين ‏قال ﷺ:
'أن الإمام أن يخطئ في العفو
خير من أن يخطئ في العقوبة'

و في 'قضية دخول المجلس' هناك مدخلين للقضية : أولهم مدخل قانوني-جنائي
و الثاني مدخل قانوني-سياسي..
في المدخل الأول القانوني-الجنائي هناك الكثير من الشواهد و الأدلة التي ترجح البراءة على الإدانة ..

1-دخول أو أقتحام المجلس قد تم بالفعل ولم ينكر من دخل هذه الواقعة .. ولكن العدالة تحتم النظر لذلك في إطار الوضع السياسي السائد في ذلك الوقت
خصوصاً رشوة النواب و ما يعني ذلك من إفساد للحياة البرلمانية و إنعكاس ذلك على المجتمع بشكل عام..

2-ليس هناك قصد جنائي.. من دخول المجلس و لم يكن مخطط له سلفاً..أنما حدث بعد الفوضى التي تلت الندوة في ساحة
الإرادة..و بالرغم من وجود مئات المتظاهرين فأن عدد رجال الأمن المصابين لا يتعدى الخمس أفراد و جميعهم إصاباتهم سطحية و طفيفة ونتيجة تدافع عفوي لما يقارب 600 شخص حسب تقرير المباحث .. و كذلك تلفيات المجلس لا تزيد قيمتها عن 247 دينار .. و كل ما سبق يستبعد القصد الجنائي

3-شهود الإثبات..و معظمهم من رجال الأمن..كانت شهادتهم في المحكمة في مجملها لصالح الشباب..و لا يجوز شرعاً و قانوناً عدم الأخذ بها لمجرد أنها تبرأ
الشباب..

4-المتظاهرون خارج و داخل المجلس قدرت النيابة عددهم بالمئات.. و قد حصر الإتهام
ب 70 شخصاً فقط.. و أستبعد المئات من الإتهام .. لماذا تم أستبعادهم؟ هل هناك أحتمال بأن بعض من تم إستبعادهم
هم من أرتكب الحدث المُجرم ؟ و خصوصاً ليس هناك شخص 'محدد' من الشباب تم تحديده سواء بالتعرف عليه من رجال
الأمن أو من الصور بانه أعتدى على رجال الأمن أو أتلف شئ ما!!

5-عندما تتهم النيابة 'شخصاً ما' بفعل معين فعليها أن تثبت ذلك بالدليل القطعي الذي لا يحتمل التأويل و لا يقبل الشك فيه.. تهمت الإعتداء على رجل الأمن مثلاً لم تحدد النيابة من ضرب من و كيفية الضرب
باليد أو بإستخدام آلة ما و لم يحدد رجل الأمن شخص بعينه و لم تقدم النيابة صورة أو شريط لحادثة الضرب.. و مع ذلك
حكم على عدد كبير من الشباب ( أعرفهم شخصياً) حُكم عليهم بالسجن لعدة سنوات بتهمة الإعتداء على رجل الأمن و هم فعلاً لم يقوموا بذلك !!

6-هناك مجموعة من المتهمين قد تم إستبعادهم من قِبل النيابة .. هل هم من رجال الداخلية مثلاً ؟ وتم إستبعادهم لأن وجودهم داخل مجلس الأمة بدون أذن وبمخالفة للقانون! وهل لهم صلة بالأحداث
التي تمت داخل المجلس؟ كلها تساؤلات تحتاج الى إجابة وافية قبل أن يصدرالقاضي حكمه وهو مرتاح الضمير سواء بالبراءة أو الإدانة...

7-يجب أن يأخذ..'حكم الدرجة الأولى'.. بالبراءة بعين الأعتبار .. و أن ما جاء في منطوقه و حيثياته الكثير مما ذكرنا أعلاه من مصوغات للبراءة و ليس الإدانة..

8-في محكمة الإستئناف لم يعطى الشباب الوطني الحق في الدفاع و أبطلت نيابة التمييز الحكم بسبب ذلك .. وهم بذلك فقدوا درجة من درجات التقاضي و من العدالة أبطال حكم الإستئناف بالكامل و العودة الى حكم البراءة في الدرجة الأولى...
قال تعالى :
'وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموابالعدل'

أن ما ذكرته أعلاه بعض القرائن التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار قبل صدور الحكم على الشباب .. و أذكرها بصفتي مواطن و والد لأحد الشباب المشمولين في القضية - و كلهم أبنائنا - .. أما
الدفاع أمام المحكمة فمتروك للأخوة المحامين فهم الأجدر و الأقدر على ذلك..

أما الشق الثاني و هو السياسي-القانوني
فالجميع يعلم بمدى تغلغل الفساد في مجلس الأمة في ذلك الوقت .. حيث أن ربع نواب الأمة(القبيضة) قد تم رشوتهم بمبلغ يزيد عن 50 مليون دينار و أثبتت لجان التحقيق في مجلس الأمة هذا الحدث بالأرقام و الأسماء .. و مع ذلك فلت القبيضة من العقاب المستحق ..
أن جميع السلطات في الكويت .. بما فيها القضاء..مسؤولين عن محاربةالفساد المتفشي في البلاد..لأن عدم التصدي للفساد يعني أنهيار الدولة..هكذا يقول
التاريخ..و القضاء و القضاه في كل المجتمعات هم جزء أساسي من المجتمع و على دراية تامة بما يحدث فيه و عليهم التفاعل مع ما يحدث في المجتمع بسبب الفساد و واجبهم حماية المجتمع من غول
الفساد و مراعاة ذلك في أحكامهم...
قضية 'النواب القبيضة' و التي بسببها عقدت الندوة في ساحة الإرادة و ما تلاها من دخول لمجلس الأمة يجب أن لا تغيب
عن بال الجميع قبل الحكم على الشباب .. فلا يقبل العقل و المنطق و العدالة أن يفلت 'المجرم الحقيقي' من الإدانة .. و يدان 'المصلح' الذي أحتج على قمة الفساد برشوة نواب الأمة !؟


و ختاماً .. أننا نثق أن القضاه يضعون مخافة الله أمام أعينهم ويحكمون بما تمليه عليهم ضمائرهم .. ‏إن الغاية في القضاء ليست فقط القضاء على الظلم .. وإنما اظهار الحق واثبات العدل..

اللهم وفق الجميع لما تحب و ترضى.. و يسر للكويت أمراً رشدا
اللهم آمين
د. سند الفضالة

الآن - د. سند الفضالة

تعليقات

اكتب تعليقك