محمد المقاطع يكتب.. النظام الانتخابي وتمثيل إرادة الأمة

زاوية الكتاب

كتب 3390 مشاهدات 0

د. محمد المقاطع

القبس

الديوانية - النظام الانتخابي وتمثيل إرادة الأمة

د. محمد المقاطع

 

تمثل الانتخابات في النظم الديموقراطية الحديثة الآلية الفعّالة التي تعبّر من خلالها الأمة عن إرادتها من خلال اختيارها لممثليها في السلطة التشريعية أو في المجالس الاقليمية أو المحلية، وترتكز فكرة الانتخابات على مبدأ جوهري ألا وهو تمثيل إرادة الأمة والتعبير عن سيادتها العليا في رؤيتها لمن يستحق أن يتولى حمل أمانة تمثيل إرادتها والتعبير عن سيادتها بصورة مستقلة وفعّالة.

ونظرا لأهمية الأبعاد التي تمثلها النظم الانتخابية في تجسيد تلك السيادة، وفي إعطاء بُعد تمثيلي متكامل للسيادة الشعبية التي تقررها الدساتير وتنص عليها، فقد حرصت الدساتير على أن يكون تنظيم مبادئ الانتخاب وقواعده الأساسية مدرجة ضمن الوثيقة الدستورية، حتى تكون بعيدا عن مؤثرات التقلبات السياسية والتغيرات في الأغلبيات البرلمانية، التي يمكن أن تعبث بالنظام الانتخابي بتعديلات تنال من ضمانات سلامة تمثيل الأمة، سواء بنمط الانتخاب أو بدوائره أو بعدد الأصوات ووزنها، أو حتى بسرية الانتخابات، أو أية أعمال ذات طبيعة تُفقد الانتخابات استقلاليتها وحياديتها وتمثيلها الصحيح لإرادة الأمة.

وعلى الرغم من أن المحكمة الدستورية في الكويت قد سطّرت في العديد من الأحكام التي أصدرتها مبادئ مهمة تُستمدّ من الأصول المستقرة والثابتة لفكرة تمثيل الإرادة الصحيحة للأمة، وعلى الرغم من حرص المشرّع الدستوري الكويتي على أن نظام الانتخابات ودوائره ينظمه القانون، وعلى الرغم من حساسية وجوهرية فكرة النظم الانتخابية في التمثيل عن إرادة الأمة، فإن النظام الانتخابي في الكويت أثرت فيه الكثير من الاختلالات بسبب تعديلات ذات منحى سياسي أحياناً، أو بسبب إقحام السلطة التنفيذية لنفسها في دائرة تنظيم الانتخابات وإجراءاتها في أحيان أخرى، أو بسبب موافقة الأغلبية البرلمانية على مراسيم قوانين بتنظيم الدوائر الانتخابية أو إصدار مجلس الأمة لتعديلات على تلك الدوائر، أقل ما يمكن أو توصف به أنها فقدت أهم العناصر التي تحقق التمثيل الصحيح لإرادة الأمة. ولذا، فنحن منذ نظام الـ25 دائرة بصوتين، مروراً بالدوائر العشر بـ4 أصوات، وانتهاء بالنظام الحالي عشر دوائر بصوت واحد، ونحن نرى نظاماً انتخابياً مشوهاً ومبتوراً، نتائجه تعكس وبصورة جلية ضعفاً واضحاً في مستوى التمثيل النيابي الذي انعكس في مؤثرات اختيار النواب بصور عديدة، كشيوع ظواهر، مثل الرشوة الانتخابية والمال السياسي ونقل الأصوات والاستقطاع الفئوي والقبلي والطائفي، مما جعل إرادة الأمة تفقد التمثيل الصحيح لها، وهو في تقديري سبب التردّي المستمر في مستوى مجلس الأمة، وكلما جاءنا مجلس رأيناه أسوأ مما سبق، ما يعكس أن مستوى النظام الانتخابي المشوّه والمبتور لن يولّد إلا مجلساً للأمة غير قوي الإرادة، خصوصاً أن مظاهر الفساد في اختيار بعض النواب، التي كانت هدفاً لكل التعديلات، تفاقمت وصارت أكثر بروزاً عما سبق. ولذا، فإن انتخابات المجلس البلدي الحالية هي الأخرى مصابة بذات الداء، وتسير بنفس الاتجاه الذي يجعل التمثيل مخلّاً بالإرادة الصحيحة لتمثيل الأمة. وعليه، فقد بات أمراً ملحّاً أن يتم تعديل النظام الانتخابي لمجلس الأمة بنظام يتّسم بالحياد، ويكون عشوائيا وفقا لتاريخ يوم الميلاد، والنجاح فيه يكون بالأغلبية النسبية، حتى يتم تطهير النظام الانتخابي الحالي من عيوبه، ويصبح لدينا مجلس للأمة يمثل الأمة بصورة صحيحة، وهو ما يؤكد بتقديري الحاجة إلى حلّ مجلس الأمة لإجراء انتخابات جديدة.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك