الغش هو تأصيل لمبدأ الفساد الذي يهدم الأمم ويسقط الدول ويقصي العارف ويقرب الجاهل.. بوجهة نظر محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 3415 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات-  غششونا...!

محمد السداني

 

لم أكن أتصور أنني سأعيش إلى يوم أسمع فيه شخصا يدافع عن الغش والغشاشين، ويطالب بتطبيق عقوبات رحيمة على من يلجأ إلى هذه الوسيلة المشينة التي لا يقع ضررها على الشخص نفسه ولكن يقع على مجتمع بأسره. فقد صدمت عندما شاهدت مجموعة من الطلبة يعتصمون أمام مكتب وزير التربية ومجلس الأمة مطالبين الوزير بتغيير آلية الغش لأنها - بحسب رأيهم - ظالمة ومجحفة بحقهم! والله بالله وتالله انني لا أعرف كيف تجرأ أحدهم وصرح بهذا الكلام الذي لا يمكن لعاقل أن يقوله.

إنَّ الغش هو تأصيل لمبدأ الفساد الذي يهدم الأمم ويسقط الدول ويقصي العارف ويقرب الجاهل، وردع الوزارة وتشديد العقوبات على هذه الآفة أمرٌ محمود وتشكر وزارة التربية عليه - رغم إخفاقها في الكثير من الملفات - لكنها نجحت بالفعل في وضع عقوبة رادعة لهؤلاء الذين يرون الغش وسيلة مساعدة وكأنه صار حقا مكتسبا لهم.

أرى الكثير من الطلبة في لجنة اختبارات المسائي وهم يضيعون مستقبلهم بسبب سماعة أو هاتف أو «براشيم»، وهم على علم بتبعات إدخال مثل هذه الأشياء إلى اللجنة، وإذا تم ضبطه متلبسا بهذه الأدوات صرخ رافضا اتهامه بالغش ومطالبا بحقوقه الدستورية بعدم تفتيشه، ونبدأ في صراع آخر أستطيع أن أسميه صراعا دستوريا مع طالب يعجز عن حل اختبار مادة تربية إسلامية!

الغريب أنه في مواقع التواصل الاجتماعي يطالبون بتطبيق القانون وتسريع الإجراءات في كل نواحي الدولة، ولكنهم عندما يصل الأمر عليهم لا يقبلون تطبيقا ولا يقبلون تسريعا في الإجراءات، وهذا الأمر نتج لأننا تساهلنا كثيرا في العديد من المواقف التي لم نأخذ فيها الحزم حلا لها، ولو كنا نهتم فعلا بالعملية التعليمية كاهتمامنا بالقضايا السياسية التافهة، والصراعات التي لا طائل منها، لكننا الآن أبعد ما يكون عن قراءة هذه المقالة التي لن نرى موضوعها إلا في الأحلام.

إنَّ السقوط الأخلاقي الذي ينتج عن الغش هو أمر جلل لا يمكن لأي مجتمع أن يتحمل تبعاته وآثاره السلبية. فبعد الغش يبدأ الإنسان بالتخلي عن جميع الخصال، كالصدق والأمانة والإخلاص واحترام الذات، وكل هذه الأمور إذا لم تتوافر في الإنسان فكيف أطلق عليه إنسانا! إننا نحتاج أن نعالج منظومة الأخلاق التي نتجت عن التراخي في تطبيق القانون وفساد بعض الإدارات التعليمية في تسهيل هذه العمليات الهادمة للأخلاق وللدول.

 

خارج النص:

- أقترح أن تضاف خانة في شهادات الطالب المتخرج في الثانوي يوضع فيها حالات الغش التي قام بها، وبالتالي يمنع من دخول أماكن كثيرة، كالعسكرية والسلك النيابي والقضائي والسلك التعليمي. فلا يمكن أن يكون المجتمع في مأمن إذا كان المسؤول عنهم غشاشا.

- أحيي وزير التربية على موقفه الصامد في عدم التراجع عن لائحة الغش الجديدة.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك