خالد الطراح يكتب.. القانون الإنساني الدولي

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 522 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة- القانون الإنساني الدولي

خالد الطراح



نتمنّى أن تتكلل أعمال «اللجنة الوطنية للقانون الإنساني الدولي» التي تم إنشاؤها أخيرا، بالشفافية والحيادية التامة، من دون هيمنة أو توجُّه معيّن، وبعيدا عن أي تكسّب سياسي.

اللجنة التي تشارك فيها 11 جهة حكومية تهدف إلى «دراسة التشريعات الوطنية المتعلّقة بالقانون الإنساني الدولي والأحكام القضائية، إضافة إلى دراسة الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالقانون الدولي التي لم تصادق الكويت عليها وإبداء الرأي للجهات المعنية بشأنها». (القبس 2018/8/8).

لا شك في أن الكويت على الرغم من تربّعها على قمة العطاء والإنسانية دوليا، فإن هناك تقارير لدول كبرى ومنظمات دولية ومراكز البحث المعنية بحقوق الإنسان والحريات، وضعت الكويت تحت مجهر الرصد خلال الفترة الأخيرة، ونشطت أيضا في تكثيف الزيارات إلى الكويت، وكان ربما آخرها الوفد البريطاني الرسمي، وغير الرسمي، الذي حضر جلسة محكمة التمييز المتعلّقة بدخول مجلس الأمة في مطلع يوليو 2018.

هناك وجهات نظر سلبية خارجية ومحلية عن الحريات وحقوق الإنسان وفق معايير مهنية وقانونية ودستورية أيضا، إلى جانب ميزان مراكز البحث ومنظمات دولية ودول أجنبية، وهو ما قد يدخلنا في فصول من التناقض السياسي، فثمة مفردات محل اختلاف بين الجهات المعنية بحقوق الإنسان والحريات، الأجنبية، والحكومة الكويتية، بخصوص صفات ومسميات تم إطلاقها على بعض السجناء، لم يتضمنها القاموس القانوني والسياسي، وما زالت محل جدل!

إن إنشاء اللجنة الوطنية خطوة ينبغي أن تستثمرها الدولة، سياسيا وقانونيا، ونأمل في أن تعمل اللجنة بوتيرة عمل سريعة ومنهج مهني موضوعي في مواءمة التشريعات المحلية مع التشريعات الدولية، بما يحافظ طبعا على الجانب السيادي الكويتي، ويلبّي أيضا، بأكبر قدر ممكن، متطلبات الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان، من أجل خلق حوار وتواصل بنّاء بين الكويت والجهات المعنية بحقوق الإنسان والحريات، يؤدي بالتالي إلى صياغة صورة إيجابية عن حقوق الإنسان في الكويت.

في 10 ديسمبر المقبل ستحل الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي صدر في عام 1948، وجارٍ الإعداد لهذه المناسبة من قبل الأمم المتحدة منذ شهور، ومن الأهداف الرئيسة التي يتم الإعداد لها تقييم قيم الحريات في العالم، والتعبئة أيضا في نشر الوعي في التصدي لأساليب الاضطهاد والتعسّف ودعم الحريات الفردية للإنسان في العالم، وبناء جسور من العلاقات بين الناشطين في مجالات حقوق الإنسان، وكذلك مع الجهات المعنية في حقوق الإنسان في دول العالم، خصوصا دول العالم الثالث، الذي تشهد بعض الدول فيه انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.

باشرت الجهة الدولية المنظمة للاحتفالية منذ شهور التواصل مع بعض الكتّاب والباحثين أيضا، وتشرّفت بتسلم دعوة للحضور، ولكن للأمانة كنت في حيرة مع نفسي بخصوص ما الذي يمكن أن أقدمه في مثل هذه المناسبة؟ خصوصا أنني لست متخصصا في هذا المجال، فأنا مجرد كاتب مهتم بهذا الملف ويجتهد في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان بما يسمح فيه قانون المطبوعات، خصوصا أن الواقع الفعلي لا يشجّع على الحديث أو التباهي بحريات التعبير والحقوق الفردية.

أرى أن الفرصة اليوم كبيرة أمام الدولة، ووزارة الخارجية تحديدا، طالما أن هناك لجنة وطنية تم اعتماد إنشائها للقانون الإنساني الدولي يمكن استثمار مرئياتها ــــ إن وفقت ــــ من خلال عرض عملها بكل وضوح أمام المجتمع الدولي، وبروح يسودها التعاون وتقبل الرأي الآخر بإيجابية تامة، حتى لو كان هناك ربما رأي حاد ضد سياسات الحكومة الكويتية، فمبادئ العمل الدبلوماسي تتطلب الانفتاح وتقبل الرأي الآخر، من دون تفسيره بأنه تحامل متعمّد ضد الكويت.

آمل في أن تتوج أعمال اللجنة الكويتية بنتائج إيجابية تأخذ بعين الاعتبار المعايير والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والحريات، وبموجب نصوص دستور الدولة، خصوصا أن هناك عددا خرج من رحم الكويت، حاملا الغلو والتشدد الديني، ومنهم من أمضى سنين طويلة في سجن غوانتانامو، ومنهم من دفع حياته ثمناً للفكر الإرهابي ولمخططات داعشية.

من المهم أن تنشر وزارة العدل أو اللجنة المكلفة مراحل وخطة العمل والإنجاز حتى يصبح الشعب شريكا في الاتفاق والدعم لعمل القانون الإنساني الدولي، خصوصا إذا جاءت المرئيات منسجمة مع روح دستور الكويت، وهو الأمر المفرح والأهم لجميع أفراد الشعب.

تعليقات

اكتب تعليقك