سياسة إيران دمّرت وشلّت الحياة في العواصم العربية المهمة.. بوجهة نظر محمد المقاطع

زاوية الكتاب

كتب د. محمد المقاطع 713 مشاهدات 0

د. محمد المقاطع

القبس

الديوانية- سياسة العبث في العواصم العربية

د. محمد المقاطع



لم تعد تخفى حقيقة السياسة الإيرانية؛ فها هي قد دمّرت وشلّت الحياة في العواصم العربية المهمة، بدءا من بيروت المسلوبة لميليشيات «حزب الله»، المدججة عسكريا وفكريا وطائفيا، بعصبياتها المقيتة على العرب والمسلمين السنّة، فدمّرت وشلّت كل شيء فيها. وها نحن نشهد الإيرانيين يموّلون بأموال ضخمة ميليشيات مأجورة، مغرر بمعظم أفرادها في اليمن، من خلال الحاجة للمال، ليقوموا من خلالهم وبمعية الحرس بتدمير عاصمة أخرى، هي صنعاء اليمن، بآلية وإجراءات مبرمجة، غايتها تدمير هذه الدولة التي تمثل العمق العربي الطبيعي، ونرمق مشهداً ثالثا تمتد فيه يد العبث إلى عاصمة كبرى أخرى، هي دمشق، عاصمة وقلب الشام، لتعبث بها وتدمرها عبر ميليشيات وقوات نظامية بالتعاون مع الروس.. وها نحن نشهد المسلسل المدمّر اليوم في أدلب. أما المشهد الأخير للعبث بالعواصم العربية، فإننا نراه في ما يحدث في العراق، فبعد أن انتفض العراقيون بانتخاباتهم الأخيرة للتخلّص من التواجد الإيراني بالعراق وتحكّمه في مجريات الأمور فيه، قاموا بالتصعيد السياسي لتعليق كل إمكانية لظهور كتلة أغلبية برلمانية غير موالية لإيران، وقامت بإثارة الفوضى والتظاهرات وأعمال الشغب لتعطيل تكوين هذه الأغلبية البرلمانية من جهة، ومنع تكوين حكومة خارج نطاق الهيمنة الإيرانية من جهة أخرى، وقد نجحت إيران في أن تستخدم تواجدها العسكري والديموغرافي في العراق وميليشيات الحرس للتصعيد والتهديد العسكري، بل أوعزت الى ميليشيات الحشد الشعبي المؤتمر بأمرها أن يمارس معها كل أنماط التهديد والابتزاز والعبث في العراق، هذا التطوّر اللافت يُنذر بتدمير كامل لعاصمة جديدة، ألا وهي بغداد.

إن هذه السياسة نجحت في نقل المعركة التي يفترض أن تدور رحاها، ربما في إيران وعلى أرضها، إلى عدد من العواصم العربية الكبرى (بيروت، صنعاء، دمشق، بغداد)، لتكون نيران الحرب وأتونها موضعا لصراع الدول الكبرى في ساحة بعيدة عن إيران، وها نحن نرى أميركا وروسيا وفرنسا وتركيا، وغيرها من الدول تنقاد إلى حد كبير لمخطط إيران، فتركز أنظارها وحروبها في عواصمنا العربية، بدلا من أن تجعل من إيران ساحة لمعركتها، ليصبح مكان معركتها البديل دمشق وصنعاء وبغداد، وهو النجاح الذي حققته السياسة الإيرانية بحماية نفسها، ونأيا بها عن الصراع والمعركة أن تكون ساحتهما إيران، ومدنها الكبرى، بل إنها نقلت المعركة والصراع إلى بعض عواصم الدول العربية، وتحقق ذلك من خلال سياسة ضخ الأموال وتكوين الميليشيات المسلحة، من أجل إشعال صراع داخل الساحات بين الدول العربية ذاتها، وعلى أراضيها، وإشغالها باستنزاف طاقاتها وقدرات قواتها التي باتت مشغولة في هذا الصراع، الذي كوّنت ساحاته إيران في العواصم العربية، بل إن ذلك يتم وبتمويل من بعض الدول.. فالكل شريك ويموّل بالأموال والعتاد والقوات البشرية.

لم يعد أمامنا مفرّ ولا خيار إلا أن ننقل المعركة والحروب إلى الداخل الإيراني، وبدايته تكون بعزل إيران وإخراجها من العواصم العربية وتقليم أظافرها كخيار حتمي وملح، وهو لن ينجح، ولن يتم إلا بإجراء إستراتيجي وحيد وبيّن، ألا وهو نقل المعركة إلى الداخل الإيراني، وينبغي أن تكون إيران هي موضع التوتر والإثارة لتكون هي الساحة، وينبغي ألا تترك هكذا تعبث بالعواصم العربية وتدمّرها ويتم جرّنا نحن وحلفائنا لمخططها، بل ننقل المعركة الى أرضها ونعيد ترتيب بؤرة الصراع ويكون تأثيرنا في نمط تفكير الدول الكبرى المتصارعة أن تجعل من طهران محور أي عمليات دولية من أجل إعادة التوازن للمنطقة بإشغال إيران في نفسها، من أجل تحقيق استقرار المنطقة وأمن عواصمنا العربية.. فهلا بادرت الدول العربية والخليجية إلى تبنّي هذا الخيار الإستراتيجي وتقنع حلفاءها من الدول الكبرى (أميركا، وفرنسا، وبريطانيا، وتركيا) لتبنّي هذا التوجّه؟!



تعليقات

اكتب تعليقك