عبدالمحسن جمعه يكتب عن الفرق بين حركة السترات الصفراء ، والربيع العربي

زاوية الكتاب

كتب عبدالمحسن جمعة 596 مشاهدات 0


دروس كثيرة يخرج بها المتابع لأحداث الحركة الفرنسية الشعبية لتحسين ظروفهم المعيشية (السترات الصفراء)، خصوصاً ونحن نتحدث عن دولة عظمى تمتلك مقعداً دائماً في الأمم المتحدة. ورغم أن الحراك الشعبي شابه عنف وعمليات تخريب، لكنها ظواهر تحدث غالباً في أي تحرُّك جماهيري. ولكون الدولة الفرنسية دولة مؤسسات وديمقراطية حقيقية راسخة وشعب موحد بنسبة عالية، فقد جاءت الحلول بأقل تكلفة وخسائر، وانتصرت إرادة الفرنسيين.

في الدولة الديمقراطية الراسخة قوى الأمن والعسكر لديهم حدود في استخدام القوة التي يتوقفون عندها، وحينها يطلبون من السياسيين أن يحلوا المشكلة بقرارات توافقية، وهذا ما حدث بالفعل في الأيام الأخيرة، وسارع رئيس الدولة إيمانويل ماكرون، ورئيس وزرائه إدوارد فيليب، إلى تعليق القرارات الضريبية الأخيرة، والدعوة إلى حوار وطني لمراجعة كل النظام الضريبي الفرنسي.

نفس التحرُّك المعيشي المطلبي حدث في العالم العربي، لكنه انتهى بكوارث وهزائم لـ"الربيع العربي"، لكن لماذا؟ لأنها شعوب مقسَّمة ومتعصبة لطوائفها وعرقياتها ومناطقها، بينما في فرنسا كانت حركة مدنية، فلم نرَ قسيساً أو معمماً أو ملتحياً يقود الشارع، فيعطي الحاكم هامشاً للعب على المتناقضات وضرب أمن الناس ومقدَّراتهم، فيستغيثون بالمستبد، ليعيد الأمن لهم.

ففي الربيع العربي استغلت الحركات الدينية الحدث، لتسرق اللحظة و"الكرسي"، فدمرت كل شيء، الكنائس تُحرق في مصر، والمعمم يتصدر المشهد في دوار اللؤلؤة، وجند الشام وجيش الإسلام ووحدات الدفاع الكردية في سورية، والحركات الجهادية تهدد ثقافة التونسيين المنفتحة والعصرية، بالإضافة إلى هشاشة دول المؤسسات وضعف الديمقراطية في دول الربيع العربي، تلك كلها عوامل أعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه، وسارعت بقدوم الخريف العربي مرة أخرى.

أهم دروس حركة "السترات الصفراء" الفرنسية، هي أن الشعوب الموحدة والمؤمنة بنظامها الديمقراطي المدني، دون مرجعيات دينية داخلية وخارجية وتقسيمات عرقية ومناطقية، تستطيع دائماً أن تنتصر وتحفظ حقوقها، ولكن مادمنا كعرب نصنف طائفياً ومناطقياً، وبعضنا يتبع مرجعيات دينية وقبلية وخلافه، فإن قدرتنا على انتزاع حقوقنا ومواجهة مستبدينا مازالت عند مؤشر الصفر

تعليقات

اكتب تعليقك