معقولة وصلنا إلى هذه الدرجة؟ - يكتب أحمد باقر عن اقتراح الوديعة الحكومية لسداد فوائد المقترضين

زاوية الكتاب

كتب أحمد يعقوب باقر 2144 مشاهدات 0


الجريدة:

اقتراح وضع ودائع حكومية في البنوك وتحويل عائداتها لسداد فوائد المقترضين، بحجة أن ذلك لن يكلف المال العام ديناراً واحداً، ينمّ عن انحدار في الوعي، فهذا الاقتراح مكلف جداً للمال العام، لأن أرباح الودائع الحكومية يجب أن تعود للمال العام ويعود نفعها على جميع المواطنين وللأجيال القادمة بالخدمات وغيرها.

في الساحة الكويتية مواضيع يعجب المرء من مستوى النقاش فيها، وكيف انحدر الوعي إلى درجة مناقشة البدهيات والاختلاف حولها بعنف وشدة، ففي موضوع القروض مثلاً يزعم من يروج لاقتراح إسقاطها هذه المرة أنه إذا تم وضع ودائع حكومية في البنوك وتحويل عائداتها لسداد فوائد المقترضين، فإن ذلك لن يكلف المال العام ديناراً واحداً! 

وظننت في البداية أنه "ينكّت"، ولكن تبين أن هناك من يصدق وينشر هذا الكلام الذي يخرج عن العقل وبدهيات المال والاقتصاد، إذ إن القروض الشخصية من استهلاكية ومقسطة تبلغ نحو 10 أو 12 مليار دينار كويتي، وإذا تم وضع هذه المبالغ من المال العام في البنوك فإن الفوائد المستحقة لها ستكون أقل من الفوائد المستحقة على القروض لأن فائدة الإقراض أعلى من فائدة الإيداع.

أي أنه لا بد من وضع مبالغ أكبر (نحو 15 إلى 20) مليار ولطوال مدة سداد القروض، أي لمدة عشرات السنين،

وطوال هذه المدة سيخسر المال العام عوائد وأرباح هذه المليارات المودعة، وهي مئات الملايين من الدنانير أو المليارات وليس ديناراً واحداً كما يزعمون، بالإضافة إلى خسارة الدولة فرصة استثمارها أو استخدامها في التنمية.

إذاً فهذا الاقتراح مكلف جداً للمال العام، لأن أرباح الودائع الحكومية يجب أن تعود للمال العام ويعود نفعها على جميع المواطنين وللأجيال القادمة بالخدمات وغيرها.

بالإضافة إلى ذلك فهذا الاقتراح يعني تسخير الأموال العامة لخدمة المقترضين دون سواهم علما أن أعداداً كبيرة من المواطنين غير مقترضين خصوصا المتقاعدين، وحتى المقترضون تتفاوت قروضهم في القيمة، فبعضها كبير جداً وبعضها صغير وصغير جداً، وهذا ينافي العدالة بين المواطنين ويخالف الدستور، بالإضافة إلى مخالفته للشريعة فمن المعلوم أنه لا يجوز دفع المال العام لتسديد القروض الربوية أو فوائدها كما أفتى المفتون.

أما الموضوع الآخر فهو ذلك الخلاف البعيد عن المنطق والعقل والمصلحة العامة حول الأخ صالح الفضالة رئيس جهاز المقيمين بصورة غير قانونية أو البدون.

هذا الخلاف اتخذ أشكالاً عديدة مثل الكذب الذي ذكرني بالكذبة الكبيرة التي وصلت حتى إلى الأمم المتحدة عندما زعموا أني منعت زواج البدون، ومع الكذب ظهر السباب والتهديد والدعاء بالويل والثبور بالإضافة إلى شكاوى وصدور أحكام "تويترية" غير قضائية بالإدانة أو بالنزاهة وبالاستحقاق للجنسية أو بالطرد من البلاد.

هكذا بحرب كلامية وفوضى عارمة في الإعلام ووسائل الاتصال تزيد من تفاقم المشكلة وتنشر الأحقاد، في حين كان يجب أن يظل الخلاف محصوراً في الأدلة الموثقة والتي تشكل الحجة والبينة على الأخ صالح أو خصومه.

إن المستندات الموثقة من مختلف الجهات الحكومية هي التي يجب أن تكون محور النقاش وهي الحجة التي يجب الصدع بها فتحسم الخلاف بين الفرقاء داخل الجهاز أو في درجات القضاء، فتظهر البينة على الجميع، أما الردح المشاهد بين أنصار البدون وخصومهم فلا يأتي إلا بالمزيد من الأحقاد والشقاق.

تعليقات

اكتب تعليقك