حسن العيسى يكتب: إذا كنتم تكترثون لهذا الوطن

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 517 مشاهدات 0


الجريدة:

"شخصياً لست من المتحمسين لموضوع إسقاط القروض لأسباب عديدة... لكن اللي يضحك في الموضوع هو الشخص اللي يتكلم عن العدالة! حضرتك شايف عدالة حوالينك! إذا انت شايفها بلغها ان احنا مشتاقين لها وطولت علينا بغيبتها"!

كانت تلك تغريدة الزميل سعود العصفور، التي تلخص واقع حال المطالبة بإسقاط القروض، فهناك فئة من المعارضين لهذا الإسقاط يعارضون على أسس العدالة! طبيعي، أن العدالة لن تكون متحققة بالنسبة للأشخاص الذين لم يقترضوا، أو اقترضوا وسددوا مديونياتهم، على فرض تساوي الوضع المالي عند الفئتين، الذين اقترضوا وسددوا والذين لم يقترضوا.

الطرفان من الطبقة المتوسطة البسيطة، التي تحيا على الراتب فقط في دولة الموظفين الكبرى، لكن أحدهما اقترض لشراء سيارة فارهة، أو للسفر في أكثر من مناسبة، أو لغير ذلك من أسباب الاستهلاك المرضي، بينما الآخر عانى حتى يجنب نفسه وضع الأول، فلم يقترض "ومد رجله على قد لحافه"، المساواة بين الطرفين في إسقاط القرض ستكون خرقاً للعدالة التوزيعية، بالنسبة للطرف الثاني.

لكن ليس هذا الموضوع الذي يبدو أن الزميل يتحدث عنه، فبالنسبة لتلك الجماعات، التي حلبت من الدولة حتى التخمة في زمن مضى، وحتى الآن، وربما حتى لآخر نقطة نفط، أو حتى يصبح ثمن النفط بسعر التراب، هؤلاء لا يصح لهم أن يتنطعوا بالوعظ عن الإنصاف واحكام العدالة اليوم في مسألة القروض، هؤلاء من جماعات "إذا حبتك عيني ما ضامك الدهر" المتحلقة حول مصدر القرار، بل كانت هي مصدر القرار ذاته. ليس من حقها أن تحذرنا وتذكرنا عن العدالة في قضية إسقاط القروض، فالذي على "راسه جره يتحسسها"، وهم على رؤوسهم بلاوي، من تفصيل المناقصات بداية، والاستحواذ عليها فيما بعد، من تعويم شركاتهم حين تفلس وتعسر، من معاملات تفضيلية لهم عند أصحاب السلطة في أملاك الدولة، التي يختلط حالها مع أملاك السلطة، وهناك الكثير الذي لا يمكن استعراضه كله من بداية أيام التثمين في خمسينيات القرن الماضي ولليوم، كانت هناك دائماً فئة المؤلفة قلوبهم الذين كان ميزان العدالة يميل لجانبهم.

هل يعني هذا، الصمت والبصم على المطالبة الشعبوية بإسقاط القروض؟ أبداً، معارضتها واجبة مع الأخذ في الاعتبار أوضاع فئات محددة معسرة عاجزة عن السداد، فإسقاط القروض الذي يردح من أجله أكثرية النواب، هم بالعادة مع الصف الحكومي، سيعني رشوة ضمنية لتخدير الوعي بالمال العام، هو محاولة شراء رضاء جماعات على حساب مستقبل مجهول، أولى بهؤلاء "الرداحة" أن ينظروا في قضايا الإسكان وآلاف الأسر المنتظرة دورها للسكن المعقول، مثلما ذكر محمد البغلي في "الجريدة"، أولى بهم القراءة بتمعن ملاحظات ديوان المحاسبة، من ناحية، ومعرفة أصحاب المؤسسات المالية التي تهبط عليهم الثروات من الأبواب العليا من ناحية أخرى، أولى بهم أن يفكروا في مصادر أخرى للدخل العام بعدما بدأ نجم النفط يأفل شيئاً فشيئاً... هناك الكثير يمكنهم النظر فيه إن كانوا يكترثون لهذا الوطن ومستقبله المنهوب.

تعليقات

اكتب تعليقك