#جريدة_الآن الدكتور حامد الحمود يسأل : هل من وسيلة لإنقاذ "المركز الوطني لتطوير التعليم"؟

زاوية الكتاب

كتب د.حامد الحمود 1402 مشاهدات 0



القبس

لقد كان إنشاء المركز الوطني لتطوير التعليم من خلال المرسوم الأميري رقم 308 لسنة 2006 أكثر من خطوة في الاتجاه الصحيح. فقد كان بمنزلة وضع هدف استراتيجي مع خريطة طريق للوصول إلى هذا الهدف المتمثل بإحداث نقلة نوعية في التعليم. وقد كان إنشاؤه بعد الوصول إلى القناعة بأن الوزارة ببيروقراطيتها، وبالتركيز على الآني أو اليومي مع تأجيل وتناسي المستقبلي، غير قادرة على رسم خريطة طريق تنقل الكويت إلى المستوى العلمي الذي يجعل من أداء الطلبة في الكويت منافسا لأداء أمثالهم في دول قريبة وأخرى بعيدة. فحتى طلبة البحرين يسبقون طلبة الكويت في الامتحانات العالمية بحوالي مئة نقطة. ففي آخر امتحانات «التيمز» الدولية كان متوسط الطالب الكويتي 342، بينما حصل الطالب البحريني على 454 نقطة. ولعل من أهم أسباب تدني أداء طلبة الكويت في الامتحانات العالمية هو انعدام التجربة المحلية في قياس الأداء وتخلف مستوى المناهج مقارنة مع دول أخرى.
هذا وقد وضع المركز الوطني لتطوير التعليم خطة متكاملة لإحداث النقلة النوعية القابلة للقياس، تتمحور حول الإشراف على تطوير المناهج وتحويل وظيفة المعلم إلى مهنة جاذبة تمنح لها رخصة، وذلك بعد خضوع المعلمين إلى برامج تطويرية تمكّن المعلم من أداء مهنته هذه. وهذا ولأن منح الرخصة للمعلم وتطوير المناهج يقاس أداؤهما بمدى تأثيرهما على أداء الطالب، فإن المركز قد طور اختبارات دورية يخضع لها عينة ممثلة للطلاب في الكويت. وتكون هذه الاختبارات تحضيرا لمشاركة الطلاب في الامتحانات العالمية، إضافة إلى معرفة مدى تأثير التغيرات على أداء الطلبة والناتجة من تطوير المنهج وتدريب المعلمين.
وإن كان متوقعا أن يحدث تنافس بين بيروقراطية الوزارة و«المركز»، إلا أنه لم يكن يتوقع أن يتحول التنافس إلى صراع وتحد. هذا وقد عاصرت رئيسين للمركز بصفتي مستشارا لوزير التربية، هما: الدكتور رضا الخياط والدكتور صبيح المخيزيم، اللذان أبديا حنكة ولطفا في تعاملهما مع قياديي وزارة التربية. لكن كثيرا من قياديي الوزارة لم يفهموا وظيفة وأهداف المركز. ويبدو أن الوزير الحالي معالي د. حامد العازمي يميل إلى رأي قياديي الوزارة. لذلك عندما فرغ منصب المدير العام في عام 2017 تم تعيين وكيل وزارة التربية آنذاك د. هيثم الأثري مديرا عاما بالوكالة للمركز، الذي شغله حتى استقالته من منصبه في الوزارة، فعين الأستاذ صلاح دبشة مديرا عاما بالوكالة، إضافة إلى كونه الوكيل المساعد للمناهج التربوية.
وكما ذكر الزميل محمد الجاسم في «الجريدة» بتاريخ 20 يناير 2019، فإن التعيينين لكل من الدكتور هيثم الأثري والأستاذ صلاح دبشة يعتبران مخالفين لأحكام مرسوم 116 بشأن التنظيم الإداري، حيث إن هذين التعيينين يلغيان الصفة او الهدف الرقابي للمركز. فقد كانت فكرة التأسيس مبنية على استقلالية المركز من تأثيرات ومصالح القيادات التربوية في الوزارة. وقد لاحظ كاتب هذه السطور أنه في السنوات التي كان المركز يقوم بدور محوري في تطبيق استراتيجية تطوير التعليم التي لعب فيها البنك الدولي دورا استشاريا، كان المركز المنسق بين البنك الدولي والوزارة. وفي أغلب الأحيان كان المركز يقوم بتقليص الفجوة بين البنك الدولي والوزارة. هذا وعلى الرغم من جهود المركز في تقليص الفجوة، فإن قياديي الوزارة لم يكونوا راضين لا عن البنك الدولي ولا عن المركز الوطني لتطوير التعليم.
لقد كان المركز يعاني من الضغوطات من الوزارة ومن قوانين ديوان الخدمة المدنية حتى عندما كان د. رضا الخياط ود. صبيح المخيزيم مديرين عليه، لكن بعد أن توالى على إدارته وكيل التربية ثم وكيل مساعد، تم القضاء على استقلاليته والهدف من تأسيسه. لذا أصبح المركز -وكما ذكر الزميل محمد الجاسم في «الجريدة»- أكثر الجهات الحكومية تقييدا، على الرغم من أن فكرة إنشائه تعتمد على الاستقلالية. وكان لتناوب قياديين من الوزارة على قيادته بالوكالة إشارة على أن المركز أصبح إدارة من إدارات الوزارة.
وفي ظل وجود مجلس أمناء صامت للمركز ومجلس أعلى للتعليم ساكت لم يجتمع لأكثر من سنة، لم يبق للمهتمين بمستقبل المركز الوطني للتعليم إلا الدخول في حوار مع معالي وزير التربية، وزير التعليم العالي لإقناعه بضرورة استمرارية المركز مستقلا عن الوزارة لكي يشرف على تنفيذ خريطة الطريق الهادفة لإحداث نقلة نوعية في التعليم.

تعليقات

اكتب تعليقك