#جريدة_الآن محمد السبتي يكتب: الكويت بين الاستقلال والصداقة البريطانية!

زاوية الكتاب

كتب محمد السبتي 845 مشاهدات 0


الراي:

لفت انتباهي جداً... معرض أقامه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بعنوان «الجيش البريطاني في حماية الكويت بمناسبة مرور 120 عاما على الصداقة الكويتية البريطانية»، وكان تاريخ هذا المعرض في 2019/‏2/‏26 والمقصود - بلا أي شك - بذكرى مرور 120 سنة على الصداقة بين الدولتين، هي مرور ذكرى إبرام معاهدة الحماية البريطانية التي وقعت في 1899م، ونحن هنا قطعاً لسنا ضد إقامة هذا المعرض بهذه الذكرى أبداً.
لكن اللافت أن الكويت تحتفل في يوم 25 فبراير بذكرى انتهاء هذه المعاهدة، وحصول الكويت على استقلالها - وهي لم تكن محتلة قطعاً - لكن معاهدة الحماية والظروف التي كانت تحيط بالكويت آنذاك جعلا من قرارها السياسي مرهون بالموافقات البريطانية، والغريب أننا نحتفل بذكرى انتهاء هذه الاتفاقية وبذكرى إبرامها في الوقت نفسه.
كنا تحت الحماية البريطانية لأن الظروف حتمت هذا، وكان قرارنا السياسي مرهون بالتأكيد بالمشاورات مع بريطانيا العظمى، وعندما بدأنا تصدير النفط زاد القلق البريطاني على حسن إدارة هذه الثروة الطارئة على البلاد وعلى منطقة الجنيه الإسترليني أيضاً، إذ كانت عوائد النفط تدفع به، وزاد المد القومي المنادي بإنهاء اتفاقية الحماية وضرورة الاستقلال بالقرار السياسي دون حاجة الى مشورة بريطانيا ولا غيرها، وتم تصوير المعاهدة على أنها احتلال واستغلال، وتم رسم المستقبل على أنه زاهر وباهر في ظل الشعارات القومية التحررية... ثم كان ماذا؟
كنا في ظل حماية معاهدة مع بريطانيا وقرارنا السياسي مرهون بموافقاتها، كما كنا نعتبر - وإلى عهد قريب - أن عمقنا الإستراتيجي العالمي هو بريطانيا، أما الآن فنحن نوقع معاهدات حماية واتفاقيات مع كل القوى العالمية المؤثرة، ونبرم عقود شراء أسلحة من أجل هذه الاتفاقيات ورغبة في موازنة الأمور مع هذه القوى، وبلا أي شك ومن دون منازع أو مكابرة فإن قرارنا السياسي لا يمكن له إلا أن يكون مرهونا بمشاورات القوى العالمية التي نعتمد عليها، وليس في مكانة دولة مثل الكويت أن تنفرد بقرارها من دون هذه المشاورة، وهذه الاتفاقيات والعقود والمشاورات هي ضمان عدم تحريك «ذئاب في الإقليم»، قد تنهش جسدنا في أي وقت إن خرجنا عن «الطريق»! أليس هذا هو الحال الذي يجب أن نعترف به؟
اذاً كنا في بريطانيا فقط وأصبحنا اليوم فيما يشبه «الدوامة»! هذا السرد ليس لاجترار الماضي، ولكن من أجل الاستفادة منه، كيف تؤثر كثير من الشعارات «الجوفاء» على مستقبلنا من دون أن ندري، دعونا نفكر عمليا ومن دون تنظير أو جدل: تخيلوا لو أن هذه المقدرات المالية والبشرية التي نملكها تدار الآن بعقول وإرادة وخطط بريطانية كمشورة لنا في قراراتنا... تخيلوا فقط كيف سيكون الوضع وقتها؟ ولكم أن تجتروا اخفاقاتنا طوال هذه الفترة أيضاً لتكتمل الصورة!
صدقاً... نحن أحوج ما نكون للاستفادة من دروس الماضي بعد أن نعيها وهذه الدروس تحتاج لشجاعة غير عادية لدينا نحن العرب لمجرد أن نعلنها أو نكتبها فضلاً عن أن نقرر فيها!

تعليقات

اكتب تعليقك