#جريدة_الآن يوسف عبدالرحمن يكتب: ما أحوج «العمل الإسلامي» إلى التصحيح!

زاوية الكتاب

كتب يوسف عبد الرحمن 552 مشاهدات 0


الأنباء:

في سبعينيات القرن الماضي اجتهد الدعاة والمشايخ والأئمة ومن خلفهم أهل التنظير والكوادر الحركية وكانوا الأقرب للناس بعمومهم ونخبهم وكانت هناك «رموز» عظيمة في الفهم الديني والحركي والشعبي يناظرون الأوضاع ويقومون (المعوّج) منها حتى صارت في الثمانينيات والتسعينيات «صحوة إسلامية عظيمة» في مشارق الأرض ومغاربها، كانت «حركة إسلامية» شاملة تبني ولا تهدم، تجمع ولا تفرق، ترتفع الى العلا دائما ولا تلتفت الى الصغائر لأنها «أعدت الداعية» قبل التوجه الى المخاطب!

كنا شبابا وسط كم هائل من الفعاليات التي تتكامل في النهاية لإصلاح المجتمع، وكذلك نمط طيب وقدوة للشباب الباحث عن الحقيقة تصورا وأسلوبا، وخطاب إسلامي ولا أروع منه والكل منضبط مع توجيهات هذا الخطاب العصري والكل منصاع له قادة ومنظّرين وكوادر، الكل يحكمهم الانضباط ومن يمارس الفوضى او الإثارة يبعد عن المشهد عاجلا غير آجل!

نعم، في الثمانينيات والتسعينيات وبداية الألفية عشنا جميعا «نجاحا» كبيرا للدعوة ومعنا كل المسلمين في هذا العالم الكبير بمن فيهم الأقليات، وكانت هناك خطوط حركية واعية لاحتياجات المجتمع الإسلامي والخصوصية الوطنية لكل بلد وظهرت المدرسة الإسلامية لإعادة وتصحيح المناهج المدرسية وبأسلوب عقلاني واقعي وحسب كل توجه، كل بلد على حدة دون تطاول أو إساءة لأحد!

لكن كان الدخول في السياسة وطلب الحكم «بداية النهاية» لأن النماذج التي شاهدها الإسلام «غير ناجحة وغير ناضجة»، ونظرة وجولة في واقع الحال تؤكدان صدق ما أقول. تعرفون مقصدي وليست هناك حاجة لتسمية هذه التجارب الفاشلة التي انهارت كأنها بيت العنكبوت!

اليوم مطلوب من هذا «الجيل الإسلامي الجديد» ان يبادر بقياداته ومعتنقيه ومثقفيه وكوادره وبكل أطيافهم الى تسريع إعادة «الخطاب الإسلامي» خاصة بعد ظهور اليمين المتطرف في أوروبا وما آل إليه الوضع في العالم وآخرها محنة المسلمين في نيوزيلندا!

ما أحوج المسلمين في العالم الى «دعاة» بعيدين عن طلب الحكم والسياسة ودهاليزها المظلمة ليحموا أنفسهم أولا ومن يتبعهم وأن يكون الهدف نمطا جديدا من إصلاح المجتمعات وفق مدارس إسلامية جديدة تتمسك بالجوهر ولا تقع في التعميم المطلق!

باختصار.. الخطاب الإسلامي الجديد يبنى لتجميع الأفراد وفق العمل المؤسسي القائم على الوضوح بعيدا عن الفردية والمزاجية وإثارة النعرات!

٭ ومضة: إذا أرادت الحركة الإسلامية والجماعات إعادة المجد الذي ذهب عبر التجارب الفاشلة هنا وهناك فعليها ان تترك الفوضى الى الركون للتحصين، ومن الارتجال الى علم التفكير، ومن فوضى التنظير الى علم السلوك!

ولتكن قاعدة العموم والشباب اليوم (وقفوهم إنهم مسؤولون)، وللصحابي حذيفة بن اليمان قاعدة جميلة يقول فيها: «كان الناس يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة الوقوع فيه»!

الإسلام اليوم دعوة عالمية والشباب واع ومثقف وهو مرتبط أساسا بالتواصل الاجتماعي (الميديا)، هل عندكم ما تقدمونه لهؤلاء الشباب غير شبكة الإنترنت؟ خاصة ان هناك اتهاما كبيرا نحو «داعش» وغيره من بؤر التطرف الإرهابي انها استخدمت هذا «الأثير المفتوح»، والحركة الإسلامية في سبات عميق!

المسلمون في العالم اليوم بكل صراحة مدعوون للأخذ بالقواعد الإسلامية السليمة للدعوة وتتبع شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم فهو القدوة لنا وليس هناك اي شخصية مهما بلغ أوج انتشارها تعادل ما وصل اليه وما عرفه المسلمون من أسرار رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم وشخصيته الفذة الوسطية القدوة!

٭ آخر الكلام: هناك حقيقة ان الكلمة الناصحة الناقدة اليوم تضر صاحبها لكنني على يقين بأن قلة تريد مصلحة الأمة والدين، وسر كل الإخفاقات التي ابتلي بها عالمنا الإسلامي هو الانحراف الفكري والغلو والتكفير.. وعلينا جميعا ان نمد يد التعاون لكل «دعوة إسلامية وسطية» فتمشيط الدعوة بعد نصف قرن أمر مطلوب وهذه دعوة لوزارات الأوقاف في العالم الإسلامي والجماعات والجمعيات الدعوية للبدء في تغيير نمط الخطاب الإسلامي وجعله في محور الاهتمامات والأولويات!

٭ زبدة الحچي: نحن بحاجة ماسة في الكويت وكثير من بلدان العالم والأمصار العربية الى الارتقاء بالنقد الذاتي وتأصيله قولا وعملا وسلوكا وممارسة حتى نستطيع إقامة المجتمع الإسلامي الراشد.

اليوم العالم مقبل على الإلحاد بتزايد فظيع والنظريات الوضعية أفلست لكن يروج لها «الإعلام العالمي» الموجه بواسطة الصهيونية العالمية!

شعوب العالم تنتظر من «أمة الإسلام» نماذج وسطية حسب القدوة المحمدية وهذا يحتاج منا الى «تفريخ» جديد للقادة والمجددين من أولي العزم والهمة، ولنتذكر جميعا ان هذا «الجيل الحالي» يجب أن تقنعه وتصل اليه عبر وسائط جديدة ليست موجودة في «الجبة والعمامة»، انه الحوار الحضاري القائم على الحجة والإقناع ومعرفة كيفية التفكير خاصة ان «جيل أسمع وأنفذ» ثم أقتنع قد ذهب الى غير رجعة.

اليوم.. قل كلمة الحق تصل لأي شخصية دينية مهما علت، فالكل تحت كلمة الحق، وكما يقولون: القيم فوق الأشخاص!.. والذوات المحصنة معروفة!

أنتم أمام جيل جديد «يرفض الوصاية والتسلط والهوى»!.. والمطلوب خطابكم!

فماذا أنتم فاعلون؟!

في أمان الله.

تعليقات

اكتب تعليقك