'القرادة' تلازم الوعلان

زاوية الكتاب

كتب 1949 مشاهدات 0



'القرادة' تلازم الوعلان

المحامي/ مزيد اليوسف
[email protected]


 
النائب مبارك الوعلان (كل ما يطقها عويه)، واللي مثله يسمونه بالكويتي 'المقرود'، والحقيقة أن داء 'القرادة' مرض شائع في زمننا الحاضر، إذ تجد كثيراً من الصالحين، وعل الرغم من توفر جميع مقومات النجاح لهم، إلا أن الفشل يظل يلازمهم مثل ظلهم، بينما في المقابل ترى آخرين، لاتزن مؤهلاتهم وقدراتهم جناح بعوضة، ومع ذلك يتبسم له الحظ أينما ذهبوا.
في انتخابات 2008 أبطلت المحكمة الدستورية عضوية الوعلان، بعد برهة صغيرة من تذوقه لحلاوة كرسي مجلس الأمة، المصنوع من الجلد الفاخر، وكان سبب انتزاعه من الكرسي الأخضر البراق، راجعٌ إلى خطأ وقع في فرز الأصوات وقت ذك، وعندها تعالت أصوات زملائه، للزج به خارج أسوار المجلس، وأصدر رئيس مجلس الأمة حينها، أوامره لحرس البرلمان بمنع دخول الوعلان لقاعة عبد الله السالم، اللهم إلا إن أراد الجلوس بين صفوف جمهور المتفرجين، وكان المسكين (ما يعرف طقاقه من وين)، فقد انبرت وقتها أقلام كتاب الصحف اليومية، وانهالت عليه بالنقد والزجر، بسبب رفضه ومكابرته لنتيجة حكم المحكمة الدستورية، وتطاوله على السادة المستشارين أعضائها – بحسب وصف تلك الأقلام - وباءت جميع جولاته القضائية الرامية لتصحيح عضويته، والعودة به لدفئ كرسي مجلس الأمة بالفشل.
ثم في أبريل من عام 2009، أصر حظ الوعلان العاثر على أن يُجهز عليه، فصدر حكم محكمة التمييز، بتغريمه مبلغ ألف دينار على جريمة حيازة سلاح بدون ترخيص، مع مصادرة السلاح والذخيرة التي بداخله، واللذان تم استخدامهما في إزهاق روح رجل كوري الجنسية، من قبل طفل جاره، كان يتصيد بهما المارة، قبل نحو عامين.
ومعلوم أن قانون الانتخاب يحظر الترشح، على من صدر بحقه حكم في أي جناية، أو في جنحة مخلة بالشرف والأمانة، وإن من جرائم الجنايات حيازة سلاح بدون ترخيص، مما يعني أن الوعلان كان فاقداً لأحد شروط الترشح في الانتخابات الأخيرة، الأمر الذي يترتب عليه بطلان عضويته الحالية بمجلس 2009 – من الناحية القانونية النظرية- وهكذا وللمرة الثانية تكون عضوية النائب مبارك الوعلان، معلقة على كف عفريت، إلى أن يقفل باب الطعون الانتخابية، بغير طعن في صحة عضويته، يتقدم به أحد مرشحي الدائرة الرابعة، أو من أحد ناخبي تلك الدائرة.
إن ما يهمنا من سرد قصة الوعلان، هو لفت الانتباه إلى تساهل الحكومة المريب في الانتخابات الماضية، تجاه مرشحين ما كان يجوز لهم قانوناً خوضها، كمرشح الدائرة الثالثة محمد الجويهل، والذي منعته محكمة التمييز من الترشح عام 2003، وقررت بأنه لا يستحق شرف تمثيل الأمة، وقد أدين في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، عداك عن إدانته في جريمة تزوير في محررات رسمية، وقد جاء في حيثيات حكم المحكمة ضد الجويهل، بأن جريمة إساءة استعمال الهاتف التي أدين فيها الجويهل، تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف، لما ينطوي عليه هذا السلوك من انتهاك لحرمات البيوت، يُحرمه الدين، ويلفُظه المجتمع القائم على تقاليد ومعتقدات ومبادئ مستمدة من الدين الإسلامي الحنيف، ويصم مرتكبه بضعف الخلق وانحراف الطبع، وبالتالي يكون الطاعن (أي الجويهل) قد فقد أحد الشروط المتطلبة قانونا للترشيح لعضوية مجلس الأمة، وهو ألا يكون قد سبق الحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه بشطب اسم الطاعن من كشوف المرشحين للعضوية قد صدر سليما وقائما على صحيح سببه الذي يبرره.
ومع هذا نجد أن وزارة الداخلة قد غضت الطرف كلياً عن ترشح 'الجويهل'، في انتخابات مجلس الأمة لعام 2009 عن الدائرة الثالثة، وكذلك فعلت مع مبارك الوعلان في الدائرة الرابعة، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن سر هذا التساهل الغريب، فهل يرجع سببه يا ترى إلى استهتار الحكومة بانتخابات مجلس الأمة؟ أم هو عائد ليقينها بأن المجلس الحالي لن يدوم طويلاً، وبالتالي لا ضير من السكوت عن مخالفات شروط الترشح؟ أو أنها كانت تتعمد زرع نواقص بالانتخابات الماضية، بهدف فتح باب الطعن عليها، ورمي الكرة من ثَّم في ساحة القضاء؟
على الحكومة أن لا تلومنا على سوء الظن بها، كما أن عليها أن لا تعيب علينا رجمها هي بخلق التأزيم، خصوصاً مع تركيبة الحكومة الحالية، فهي لا تفتأ تقدم لنا الشاهد تلو الآخر، على صدق ظنونا بها، وكان الله في عون الكويت وأهلها إن كانت هذه هي حكومتنا.

الآن - المحامي مزيد اليوسف

تعليقات

اكتب تعليقك