#جريدة_الآن حمد العصيدان: الكويت لديها جيشاً عرمرماً من المستشارين كثير منهم بلا فائدة.. فنحن الدولة الوحيدة التي ليس فيها تاريخ انتهاء صلاحية للمسؤول

زاوية الكتاب

كتب حمد العصيدان 713 مشاهدات 0


الراي


في كل مؤسسة حكومية، صغيرة كانت أو كبيرة، يجلس في أحد الأجنحة جيش من المستشارين، مهمته - كما نفهمها ضمن المنطق المهني - التفكير والتخطيط الاستراتيجي لهذه المؤسسة أو تلك في سبيل تنفيذ سياستها وبرامجها، وفق ما هو مخطط له أو تتضمنه أجندتها التنفيذية.
ولعل ما يميز الكويت - رغم صغر حجمها جغرافيا وسكانيا - أن لديها جيشاً عرمرماً من المستشارين، كثير منهم بلا فائدة، فنحن الدولة الوحيدة التي ليس فيها تاريخ انتهاء صلاحية للمسؤول، فالوزير بعد خروجه من الوزارة يتحول مستشاراً في ديوان مجلس الوزراء أو أي مركز حكومي، وكذلك الوكيل الذي ينتهي مرسوم تعيينه، فيتم تمديده حتى إذا وصل إلى نهاية التمديد، تحول إلى مستشار في الوزارة، أو قد يتجدد له تاريخ الصلاحية بتعيينه مديراً لهيئة أو مؤسسة رسمية. وحتى الضباط الكبار، إذا ما تقاعدوا وتخلوا عن مناصبهم العسكرية الرفيعة استقبلتهم بكل ترحاب المناصب المدنية، لتستمر صلاحية هؤلاء بلا تاريخ نهاية.
ونحن هنا لسنا ضد الاستفادة من خبرات الكبار، واستغلالها من خلال تعيينهم كمستشارين أو مسؤولين في مؤسسة ما، لكننا نستغرب من الحكومة التي لديها جيش مستشارين، ثم تأتي وتطلب من الشعب ان يزودها بأفكاره في سبيل تطبيق سياساتها وبرامجها التنموية، فهل هذه هي الإستراتيجية الجديدة المتبعة نحو تحقيق رؤية «كويت 2035»؟ وإذا كانت الحكومة تنتظر أفكار الشعب فهل لنا من يشرح مضمون الخطط التنموية السنوية وقصيرة وطويلة الأمد التي وضعت سابقا؟ أليس هذا الطلب دليلاً صارخاً على فشل سياسة المستشارين الذين يعششون في دوائر الدولة ويتقاضون مئات الآلاف من الدنانير، بل ربما تكسر حاجز الملايين؟ ولماذا تضيّع الدولة الملايين على المستشارين وهم لا يقدمون ولا يؤخرون شيئاً، سوى أنهم يحتلون مكاتب ومحسوبون على هذه الجهة أو تلك، بل ربما بعضهم لا يداوم، ولا يتذكر أنه مستشار إلا في آخر الشهر عندما ينزل راتبه في البنك؟! فمن خلال التجارب وحسب الخبرات السابقة، نقول - بثقة - إن فكرة المستشارين، وفق الطريقة الكويتية، فاشلة وتحمّل الدولة أعباء إضافية، هي في غنى عنها، ويمكن أن تستغل مئات الآلاف أو الملايين التي تدفع رواتب لهم في مشاريع حيوية تعود بالفائدة على البلاد، فخلال السنوات السابقة كانت استشارات هؤلاء وبالاً، ولكم أن تروا بأعينكم الواقع الخدمي لتتأكدوا بأنفسكم من صدق ما نقول.
أما من ناحية طلب الحكومة الأفكار والرؤى من الشعب، فنحن لا نعارض ذلك، ولا نستهجنه، ولا سيما أن الكويت لها تجربة ناجحة في هذا الإطار من خلال المشروع الوطني الخاص بالشباب «الكويت تسمع»، الذي حقق نجاحاً لافتاً، حيث تم تنفيذ المشروع من خلال عقد ندوات وورش عمل استقطبت الشباب في المحافظات الست، فطرحوا أفكارهم ورؤاهم، التي عملت وزارة الدولة لشؤون الشباب على جمعها وترتيبها وأصدرت فيها وثيقة تحت مسمى «توصيات مؤتمر الكويت تسمع»، فنالت تلك التوصيات مباركة سامية وتوجيهات من سمو الأمير لوضعها موضع التنفيذ، وهو الذي حدث، وبدأنا نلمس النتائج التي كان أبرزها انطلاق صندوق رعاية المشروعات الصغيرة والمتوسطة للشباب. لذلك فإن طلب الحكومة من المواطنين أفكارهم يجب أن يكون في إطار مؤسسي كما حصل مع الشباب، حيث يجب أن تطلق مبادرة شبيهة لمشروع «الكويت تسمع» لتحصل على نتائج إيجابية، وبلا شك سيكون فكر الشعب أنفع وأجدى من أفكار ديناصورات الحكومة!

تعليقات

اكتب تعليقك