وليد الجاسم : صدام حسين وهو أشلاء في قبره ما زال يمتطي صهوة الكلمات الناهقة في عقول الأردنيين والمتمكنة في مشاعرهم

زاوية الكتاب

كتب وليد الجاسم 687 مشاهدات 0


الراي

سياسياً وبراغماتياً... عادي يصير (نقصّ على روحنا) ونقول إن الهتافات التي استقبل بها جمهور أردني (بالغ التهذيب... رفيع الأخلاق... محترم التربية... ابن ناس) جمهور ومنتخب دولة الكويت الضيف على بلده «لا تعبّر» عن حقيقة مشاعر الشعب الأردني ولا عن برلمان الأردن ولا عن حكومته... وأكتفي بهذا القدر من تسلسل الدرجات تفادياً لمحاكمات مرّ الغير فيها ومالي خلق أمر فيها مثلهم.


لكن ما نمارسه (سياسياً وبراغماتياً) ليس بالضرورة معبّراً عن قناعاتنا الحقيقية، وليس كاشفاً لما يختمر في قلوبنا، فهو كلام بدرجة «فض مجالس» وتحايا بطريقة «عزومة مراكبية»، بينما الواقع أننا نعلم وهم يعلمون أن كل ما ساقوه من تصريحات وما سطروه من كلمات «ترقيعية» بعد «قلة الحياء» التي كانوا قادرين على منعها قبل أن تبدأ أصلاً لو أرادوا لا تعبر عن حقيقة ما يحتبس في صدور غالبيتهم تجاهنا... مثلما أن ما قلناه وما مارسناه من خداع للنفس وخداع للغير ونحن نتقبل ترقيعاتهم غير المقنعة التي لا تغطي شمس الـ«ضد» بمنخل الـ«مع» لا يعبّر أيضاً عن تصديقنا لتلك الترقيعات ولا عما يجيش في صدورنا من مشاعر تنبض بالـ(...) والـ(...) والـ(...) بعد مضي ثلاثين عاماً على الخيانة والتنكر وإسناد الظلم البعثي على حساب الحق الكويتي الذي طالما احتضن مئات الآلاف منهم... وما زالوا على مواقفهم التي زرعها في أدمغتهم حفنة من الصحافيين ركبوا هدايا صدام فركبهم... وما زال وهو مبعثر الأشلاء في قبره يمتطي صهوة الكلمات الناهقة في عقولهم والمتمكنة من مشاعرهم والتي تنتقل لديهم من جيل إلى جيل.


في يوم من الأيام كنا قادرين أن «نفش خلقنا» ونظهر لهم تقييمنا لمواقفهم كما يجب، ولكن... للسياسة أحكام فرضت علينا أن نبتلع ألسنتنا قبل أن تدخل خارجيتنا في سباق مع سفارتهم لكتابة الشكاوى فينا وإحالة كل من ينطق بالحق إلى المحاكمة!


نصبر كثيراً على الضيم والمهانة وقلة الاحترام بسبب واقع كوننا دولة صغيرة تحاول تكوين الصداقات وتفادي العداوات، ولكننا أحياناً - وهذا من حقنا - نضجر من السياسة ونلعن أم الظروف التي فرضت علينا كل هذا التحمل وممارسة التقية السياسية ليلاً ونهاراً حتى سئمنا أنفسنا المفتعلة واشتقنا لحقيقتنا وسجيتنا.
لهذا لا أخجل من القول إنني كنت أتمنى أن نواجه كرم ضيافتهم بما يشبهه ونقول لهم «يلا كبوا هالقهوة وما نبي الهيل»... فالقهوة والهيل للنشامى فقط! وأقل أخلاق يمتلكها النشمي أن يحترم ضيفه. ولكننا سرعان ما نرجع لواقعنا ونستذكر براغماتيتنا، ونعمل بأخلاقنا الحقيقية التي تقوم على احترام الضيف وإكرامه والتجاوز عن زلاته وغض النظر عن أخطائه، ونقول... حياهم الله في بلدهم الثاني... الكويت... الذي كان وما زال وسيظل بيتاً للعرب مهما قوبل بالنكران والجحود.

تعليقات

اكتب تعليقك