داهم القحطاني: متى يقول شباب التيارات السياسية لمخضرميها «ارحلوا»؟

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 561 مشاهدات 0


في انتخابات عام 2006، برز دور التيارات السياسية في الكويت بشكل غير مسبوق، فوجدنا لوائح انتخابية في مناطق عدة من الكويت تمثل تيارات سياسية مختلفة، من ضمنها التحالف الوطني الديموقراطي، والتجمع الإسلامي الشعبي، والحركة الدستورية الإسلامية، والتحالف الإسلامي الوطني (شيعة)، وتجمع العدالة والسلام (شيعة)، فعاشت الكويت أجواء التنافس الحزبي من دون أن يكون لدينا قانون ينظم عمل الأحزاب. نتيجة لهذا الزخم غير المسبوق، قدم نواب في مجلس 2006 نحو 3 مقترحات بقوانين لتنظيم العمل السياسي، فبادر النائب السابق عبدالله عكاش بتقديم أول المقترحات، ثم تبعه محمد الصقر وفيصل الشايع وعلي الراشد ممثلين للتحالف الوطني الديموقراطي، ومن ثم قدم محمد البصيري ودعيج الشمري وناصر الصانع وجمعان الحربش وخضير العنزي مقترح الحركة الدستورية الإسلامية. اليوم وبعد 13 سنة من تقديم هذه المقترحات التي لم تجر مناقشتها في البرلمان، تراجع دور التيارات السياسية نفسها، فأصبحت بلا حول ولا قوة، وتحولت لتكون مجرد تجمعات معزولة لا تأثير لها على الشارع الكويتي بما في ذلك الحركة الدستورية التي توصف دوما بأنها من التيارات السياسية الأكثر تنظيماً، لكنه تنظيم بلا فاعلية، فخلال سنوات الغضب الحكومي منها كادت الحركة تغرق في شبر ماء، ولولا أن الحكومة مدت طوق الإنقاذ لها، فلربما أصبحت الحركة الدستورية نسيا منسيا. التيارات السياسية تنجح انتخابياً في بعض الدوائر الانتخابية، ليس لكونها تيارات سياسية، ولكن نتيجة لانتماءات مرشحيها الطائفية أو المذهبية أو العائلية والقبلية، ولولا هذه العوامل التي تتصادم مع فكرة التنظيم السياسي لما كان للتنظيمات السياسية أي تمثيل في البرلمان. مفارقة غريبة ومدهشة. السؤال الأهم: لماذا تحولت التيارات السياسية في الكويت من محرك رئيسي للسياسة في الكويت إلى مجرد خيالات مآتة ؟ وما الأسباب الداخلية التي نزعت من تلك التيارات قدرتها في التأثير على الشارع؟ برأيي وإضافة لأسباب أخرى من ضمنها انتشار المال السياسي في الانتخابات، ومحاربة فكرة التنظيمات السياسية، هناك سببان رئيسيان، أولهما محاولة معظم المخضرمين من قياديي التيارات السياسية في الكويت البقاء في القيادة لأطول فترة ممكنة من دون خلق صفوف ثانية وثالثة تكمل مسيرة هذه التيارات. وفيما عدا التحالف الوطني الديموقراطي الذي تبنى قيادات شابة، لم تقدم التيارات الأخرى على خطوات مماثلة، مع ملاحظة أن القيادة المؤثرة والمحركة للتحالف الوطني الديموقراطي استمرت في الجيل المخضرم الذي يدير الأمور من دون أن يكون ممثلاً في المناصب القيادية. السبب الثاني أن التيارات السياسة جميعا وبلا استثناء مقيدة بحزمة من المصالح مع الحكومة، وهي مصالح متنوعة، فبعضها يتعلّق بالمناقصات العامة، وبعضها يتعلّق بالمناصب القيادية في هيئات حكومية عدة. الحكومة تفننت خلال سنوات ما بعد الصوت الواحد في استخدام سياسة العصا والجزرة لإخضاع أو تخويف التيارات السياسية، فاستطاعت في سنوات قليلة أن تجعلها تيارات سياسية منزوعة «الدسم». هذا الضعف في البنية السياسية، وفي الممارسة العملية، جعل التيارات السياسية مهددة حتى في وجودها كتنظيمات، وكان رأي مجلس القضاء الأعلى الذي اعتبر أن «إنشاء الأحزاب السياسية في الكويت لا سند له في الدستور، ومحظور» وأن «الأحزاب السياسية تمثل تهديداً على البلاد وخطرا على الحكم الديموقراطي». الوضع مزرٍ جداً، ولهذا التيارات السياسية في الكويت بحاجة إلى حركة تطهيرية من جيل الشباب، وحان الوقت ليقول هؤلاء الشباب للجيل المخضرم المتشبث بالقيادة «ارحلوا».


تعليقات

اكتب تعليقك