إحسان عبدالله يكتب عن كيفية اختيار رئيس ديوان المحاسبة؟

زاوية الكتاب

كتب إحسان عبدالله 1186 مشاهدات 0


يتوهم البعض خاطئاً بأن منصب رئيس ديوان المحاسبه هو منصباً سياسياً حاله كحال المناصب بالدوله كالوزراء والشيوخ ولا يعد بنظرهم هذا المنصب منصباً مهنياً والتاريخ يثبت ذلك .

وقد يستند البعض بدفعهم في هذا الاتجاه مستندين بأن قانون ديوان المحاسبه قد خلا من شروط تحدد كيفية اختيار الرئيس والتي بدورها تلزم رئيس مجلس الامه بضوابط ترشيحه وآلية اعتماد المجلسين تمهيدا لصدور المرسوم من حضرة صاحب السمو حفظه الله ، وهم مصيبون تمام اذا ما اتبعنا قواعد المدرسه القانونيه النصيه والتي تستبعد وتنهي عن الذهاب الي ابعد مما قصده النص وما ورد بحروفه و كلاماته وما ورد تحديداً بمذكرته التفسيريه وبقيود مشدده بعدم التوسع بأبعد من ذلك وهي جامده .

ولكن لو ما تم اتباع منهج المدرسه الفقهيه في تفسير وقياس النصوص وامتداداتها القصديه ومفاهيمها الدفينه في قلب الحروف ،خصوصاً في ظل وجود قوانين مضي عليها ما يزيد عن الخمسون عاماً لا تسعف نصوصها المتطلبات المعاصره للدوله ولكن يمكن قياس مقاصد ومآرب المشرع واهدافه وما كتب بنصوصها وفيما بين سطورها ، سنجد حتماً بأن نصوص قانون الديوان ممتلئه بالفقه الممتد والشروط الواجب توافرها بشخص الرئيس ( ونائبه أيضاً) وصفاته والتي بدورها تحدد وترسم لرئيس مجلس الامه كيفيه بناء اختياره و ترشيحه لهما , كما انها ستكون مقاييس دقيقه في حسم مسألة تصويت واقرار مجلس الامه وكيفيه موافقة مجلس الوزراء لذلك الترشيح بموجب تلك الضوابط والشروط والمعايير والتي لم يتركها المشرع آنذاك للأهواء او التكييل العشوائي وانما تم بناؤها على عدة شروط وأسس فنيه ومقاييس مهنيه وشخصيه وسيره ذاتيه تستمد مشروعية هذا المنصب وبما تنصب قوامه و تمنحه حالة الحياد والاتزان الموضوعي لما لهذا المنصب من اهميه حساسه.

وللمقاربه بحثت في الكتب عن الصفات الواجب توافرها بشخص المحتسب قديماً فوجدت التالي :

' الأخلاص التجرد العلم الحكمه واخيراً أجملها الرفق والحلم'

وحتي يتسني لصانع القرار و للقارئ المختص والباحث الفضولي في كشف التفاصيل المتعلقه بهذا الخصوص يتوجب علينا الاطلاع علي بعض نصوص المواد المتعلقه بهذا الحيز في قانون انشاء ديوان المحاسبه ومنها : 

المادة رقم 34 والتي وردت كالتالي :

'يعين رئيس الديوان بمرسوم أميرى بناء على ترشيح رئيس مجلس الامة وإقرار المجلس لهذا الترشيح فى جلسة سرية وبعد موافقة مجلس الوزراء. ويعامل الرئيس معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش وسائر البدلات والمزايا المالية ومن حيث نظام الاتهام والمحاكمة. ولا يجوز عزله الا بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الامة او بقرار من السلطة التأديبية المختصة وفقا للفقرة السابقة.' انتهي

وبالنظر الي كلمة يرشح وباتباع المدرسه الفقهيه وحتي النصيه ما اذا نظرنا للماده 35 ومذكرتها التفسيريه والتي سبق أن كتبت فيها في جواهر قانون ديوان المحاسبه ، فيجب على رافع الترشيح أن يقيس ترشيحه وفقاً للقيود التاليه : 

1. بكونها منصب الرئيس هو منصب وظيفه عامه ومنصبها يعد في عداد الموظف الحكومي وليس وزيراً ( الا من حيث المرتب والمزايا الماليه ونظام الاتهام ولكنه يبقي موظف ) فيتوجب معه أن يكون المرشح المزمع ترشيحه أن يكون متماشيا مع شروط وضوابط قانون الخدمه المدنيه في شأن الموظف العام كالعمر والشهاده والخبره .. الخ .

2. يجب أن يكون المرشح للرئاسه ونائبه من حملة بكالوريوس الحقوق او التجاره وذلك حتي يتسني له العلم والمعرفه في عالم الرقابه الماليه والتفتيش والاشراف الفني والاداري علي الفنيين مفتشي الديوان والمحدد اختصاصاتهما في نصي المادتيين رقمي 27 و42 .

3. وحتي يتمكن المرشح للرئاسه من اتمام المهام المسنده اليه في نصوص المواد ارقام 36، 40، 41، 47، 57، 58، 59، 75، 77 ، 78، 80 ، 82 ، 84 ،88 فيتوجب معه ان يكون هذا المرشح على قدر عال من التحصيل العلمي والخبره والدرايه المهنيه والتي يجب أن تكون متوافره لتمكنه من اداء مهام ومتطلبات هذه الوظيفة الخطيره والحساسه و البالغة الاهميه .

4. كما يجب على من يتم ترشيحه خلو سجله من اي انخراط سابق في عمل تنفيذي او منصب سياسي او انتماءه لتيار سياسي وفكري او أن يكون له رأي سياسي معلن او خصومات تجاريه أو طائفيه أو قبليه أو سياسيه او بأي شكل يؤثر عليه سلباً وبما يخدش ويقدح من نزاهته او حياديته واستقلاله لشغله هذا المنصب .

وبالنظر على بعض من تم تنصيبه من رؤساء سابقين لمنصب رئيس الديوان نجد بأن اختيارهم لم يأتي متواكباً بدقه مع الضوابط المشار اليها اعلاه . فما زال صانع القرار بهذا الخصوص يعتمد باختياراته علي عوامل عديده ومختلفه ولكنها حتما كانت بعيده كل البعد عن كلمة الاختيار الدقيق والصحيح ونكرر ونقول البعض . 

فتجد بعض تلك الشخوص والسابق اختيارها من قد كان سياسياً و متقلباً بين التيارات وأمواجها ، معلنا فكره السياسي علي منصات الخطابه العامه ، متزيناً بهندامه الطائفي . مجاهراً بخصوماته متناحراً في مناقشاته فاجراً في معاركه غليظاً في حكمه قاسياً في طبعه ، فهل هذه هي صفات 'المحتسب 'رئيس ديوان المحاسبه ؟.

ورسالتي للسيد رئيس مجلس الامه مع رجائي الشديد بأن يكون أمر الترشيح للرئيس القادم , والذي منحه المشرع كحق والذي تأخرت فيه لما يزيد عن الثلاث اعوام تاركاً الحبل علي القارب دون وجود رئيس مؤدي للقسم اصيل يمارس اختصاصه ومهامه المرسومه في الماده 77 ، وباستخدام خارطة الطريق اعلاه وباتباع الشروط والضوابط السابق الاشاره اليها كقياس ، يقصد ويستهدف المصلحه العامه للكويت ونظامها الحاكم والشعب، وذلك منعاً لتكرار الاخطاء الخطيره علي هذه المؤسسه الهامه والحيويه ، وباتباع الفقه القانوني الممتد علي طوال نصوص مواد القانون في الارشاد نحو الاختيار الامثل لترشيحك للرئيس الجديد . وعسى الله أن يأتي بما فيه الخير والصالح للكويت وأهلها اللهم أمين.

ونختم رسالتنا بعباره جميله وقديمه لاغنيه وطنيه اعشق كلماتها مرسله لشخصكما الموقرين السيد معالي رئيس مجلس الامه ومعالي سمو رئيس مجلس الوزراء نقول لكما فيها :

مغازل الخير دوري 

مغازل الخير دوري

اللهم اشهد اللهم اني قد بلغت

تعليقات

اكتب تعليقك