داهم القحطاني: سياسة الأمر الواقع.. هل ستُنهي قضية «#البدون»؟

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 666 مشاهدات 0


قضية العديمي الجنسية في العالم قضية معقَّدة ومركَّبة، ولا يمكن حلها عبر التشريع فقط، ولا يمكن حلها خلال فترة وجيزة، ومن يعتقد أنه قادر على ذلك حتماً فسيدرك متأخّراً أن الأمر أكبر بكثير من قدرات حكومة مجتمعة. في الكويت، أعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عن نية تقديم مقترح بقانون لمعالجة مشكلة «البدون» في الكويت بصورة جذرية، ورغم أن المقترح لم يعرض بعد، فإن ملامح القانون تبيّن أن المقترح سيعتمد على سياسة فرض الأمر الواقع مع هامش واسع من المرونة في النواحي الإنسانية. النقطة الرئيسة في قضية العديمي الجنسية تتعلَّق بمدى استحقاق هؤلاء لجنسية البلد الذي يعيشون فيه؛ فإذا ما أصرّ أحدهم على هذا الحق، ورفض كل الإغراءات، ومنها الحصول على جنسيات دول أخرى، فإنه من الصعب جدّاً وفق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ووفق القوانين والاتفاقيات الدولية إجباره على مغادرة الكويت. وإذا بدرت أي محاولات للترحيل القسري فإن الكويت ستكون في موقف حرج أمام مجلس حقوق الإنسان، وأمام مئات المنظمات والهيئات الدولية والأهلية المهتمة بحقوق الانسان، وقد تنشأ عن ذلك ضغوط دولية تجبر الحكومة الكويتية على أي إبعاد قسري للعديمي الجنسية. وحينها ستجد الكويت، التي توصف ببلد الإنسانية، في موقف صعب ومحرج حين تتهم بمحاولة الإبعاد القسري للآلاف من العديمي الجنسية. قد يقول البعض إن عمليات الإبعاد القسري لن تحدث مطلقا، فإذا لم يكن هناك إبعاد لــ«البدون» فهذا يعني أن هذا المقترح بقانون لم يقدّم جديدا؛ ففكرته الأساسية تقوم على نقل غير المحددي الجنسية في الكويت ليكونوا؛ إما متجنّسين بجنسيات دول أخرى، وإما أن تجري تسميتهم «النازحين»، الذين لا تحق لهم المطالبة بالجنسية، والذين يفترض أن يجري إبعادهم عن البلاد. الحل الأمثل إعداد خطة، مدتها عشر سنوات، يحدث عبرها تفكيك هذه القضية المعقّدة ومعالجتها بهدوء، فيجري تجنيس المستحقّ، ويُوفَّر العمل والكرامة الإنسانية لمن لا يستحق التجنيس مع مساعدته على الهجرة لبلاد، توفّر فرص حياة أفضل. بغير ذلك سندور جميعاً في حلقة مفرغة، ولن ينتج عن المقترحات الصارمة سوى مزيد من المعاناة لأطفال «البدون» وعجائزهم، ومزيد من السمعة السيئة لبلدنا الكويت في وقت؛ نحتاج فيه كل دعم دبلوماسي دولي.


تعليقات

اكتب تعليقك