داهم القحطاني: أصبحنا ندور في حلقة مفرغة إلى أن وصلنا إلى مرحلة لم يعد فيها الدستور الكويتي صالحاً لزمننا الحالي

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 678 مشاهدات 0


تمرّ ذكرى إصدار الدستور الكويتي الـ57، والكويت تشهد تحوّلات جذرية خلال السنوات العشر الأخيرة، وهي تحولات ايجابية في نواح، وسلبية في نواحٍ أخرى، لكن القاسم المشترك بينهما أنها تحدث بشكل موجع جدّاً. الدستور الكويتي عندما صدر عام 1962 كان حالة متقدمة جدّاً جدّاً، فالشعب الكويتي حصل على ما كان يناضل من أجله طوال عقود مضت، في وقت كانت فيه معظم دول العالم إما تعيش تحت حكم استعماري وإما دكتاتوري. هذه الميزة الكويتية كان يجب أن تصان عبر بناء بقية المؤسسات التي تكفل صيانة الديموقراطية وحمايتها من المخاطر الداخلية والخارجية، ولكن هذا الأمر لم يحدث، فالأحزاب السياسية، عماد العمل البرلماني، لم يشرّع لها قانون رغم مرور نحو 6 عقود على إصدار الدستور، والحكومة ما زالت تعمل من دون ثقة مسبقة تكفل لها الأداء المستقر كما في معظم النظم الديموقراطية. كما أن النظام الانتخابي الذي يعتبر ركيزة النظام البرلماني لا يزال حقل تجارب يجري التلاعب فيه لتشكيل برلمان غير مؤثر، كما حصل في تعديل قانون الانتخاب إلى 25 دائرة عام 1981، وكما حصل حين جرى تشريع نظام الصوت الواحد عام 2012. إذاً، هذا الدستور الواعد الجميل كان مقرراً أن تتغير مواده، بدءاً من عام 1967، وهو موعد انتهاء الحظر الدستوري على التعديل.   ‎52 عاماً مرت ولم تكن هناك أي محاولة جادة وحقيقية لتنقيح الدستور الكويتي، ليكون مواكباً للمتغيّرات الجذرية التي حصلت في العالم والإقليم وفي المجتمع الكويتي نفسه، ما جعل الحكومات المتعاقبة تستغل ذلك بتشريع قوانين ناقضت الدستور. المشكلة الكبرى أن التيارات السياسية التي كان يفترض أن تسعى لتغيير مواد الدستور لمزيد من الحريات، ومن ترسيخ لسلطة الشعب، وجدناها ترفض مجرد الحديث عن أي تنقيح للدستور، بذريعة أن ذلك سيفتح الباب للحكومة لتغيير الدستور جهة تقليص الحريات العامة، والمساس بالمكاسب الشعبية. وهكذا أصبحنا ندور في حلقة مفرغة، إلى أن وصلنا إلى مرحلة لم يعد فيها الدستور الكويتي صالحاً لزمننا الحالي. طالبت منذ سنوات بتنقيح شامل للدستور الكويتي عبر الديموقراطية التوافقية، ومن دون إقصاء أو تخوين أحد، فعبر النقاشات العميقة، وعن طريق تعزيز الحوارات العامة سنصل كشعب وكبلد إلى مبادئ عامة، تحدد لنا الدستور الأنسب للكويت، وليكون بديلاً عن دستور، أصبح بقصوره يشكّل عثرة تعيق انطلاق البلد إلى عالم المعرفة والمعلوماتية، وعالم تغيّرت فيه معظم المفاهيم القديمة التي بُني عليها دستور 1962.


تعليقات

اكتب تعليقك