مبارك الدويلة: الحل في تغيير المنهج والأسلوب

زاوية الكتاب

كتب مبارك فهد الدويلة 830 مشاهدات 0


كلما اشتدت الأزمات وتعقدت الأمور وتلاشت الحلول لجأ البعض الى الحلقة الأضعف في المنظومة، وهذا ما يحدث هذه الأيام، حيث يطرح البعض حل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد اليوم بحل مجلس الأمة، الحلقة الأسهل لتفريغ الشحنات العاطفية!

بينما المشكلة تكمن في سيطرة الأجهزة التنفيذية للحكومة على الأجهزة الرقابية التابعة لها، وتزداد هذه المشكلة رسوخاً ووضوحاً اذا تمت أيضا السيطرة على القرار داخل مجلس الامة السلطة التشريعية والرقابية، وأصبح القرار التشريعي يتم بالتوافق مع السلطة التنفيذية والتنسيق معها! فان حدث واختار رئيس الوزراء بعض وزرائه - مثلا - من غير نظيفي اليد.

فمن غير المستبعد أن تتم تجاوزات على اللوائح والقوانين وتطاول على المال العام في رابعة النهار، دام ان الفتوى والتشريع والجهاز المركزي للمناقصات ولجنة التظلمات وديوان الخدمة المدنية يتم توجيه القرار فيها من قبل مجلس الوزراء! وقد عايشت شخصياً هذا التدخل فيما مضى من الأيام! 

لذلك سمعنا مؤخراً بتجاوزات التأمينات وتجاوزات صفقات السلاح وصندوق الجيش وضيافة الداخلية وغيرها كثير، وكلها تمت بسبب ضعف الرقابة على أجهزة الدولة أو تواطئها في بعض الحالات! هل تغيير رئيس الحكومة يأتي بالحل المنشود؟! شخصيا؛ لا أظن...! لأن القادم سيكون من نفس المدرسة وسيتم اختيار الوزراء بنفس المحاصصة، وستأتي حكومة لم يخترها رئيس الوزراء بل شاركت في الاختيار جهات عدة فرضت رؤيتها على التشكيل الحكومي! 

عندنا مشكلة اخرى يعاني منها البلد بشكل دائم، وهي أن رئيس الحكومة وعددا من الوزراء وبالذات وزراء الداخلية والدفاع ومجلس الوزراء عادةً ما يحرصون على كسب ود النواب بتسخير أجهزة الدولة لهم ولو أدى الأمر الى تجاوز بعض اللوائح والنظم، وهذا ما حوّل مجلس الأمة الى فسطاطين، الاول يمثل الأمة والثاني يمثل الرغبة الحكومية وتوجهاتها! وهذا ما أضعف الدور الرقابي للمجلس الذي أصبحت الأغلبية فيه تمثل الحكومة!

لذلك شاهدنا ظاهرة التعيينات البراشوتية في المناصب القيادية، وظاهرة ترسية المناقصات على ثاني أقل الأسعار وفتاوى الرأي فيها مرجوح وليس راجحا وغيرها من القرارات التي تعطي انطباعا بتدخل الجهاز الحكومي فيها دون اعتراض واضح من مجلس الأمة! اليوم الخيارات محدودة، وتغيير منهج الادارة الحكومية أمر مستبعد في ضوء الخيارات المتاحة.

لذلك ستستمر الأزمة وسنستمر على نفس المنهج والأسلوب، وسنواجه نفس المشكلة خاصة في وجود نظام الصوت الواحد الذي يساعد الحكومة على توجيه النتائج كما تشاء، سنواجه حكومة محاصصة، وسيكون لدينا برلمان تهيمن الحكومة على الأغلبية فيه، وستضعف جميع الأدوات الرقابية في ممارسة دورها وسيسعى بعض الوزراء الى التكسب من المال العام بالتطاول عليه، وسيلقى بعض الفتات على بعض النواب لاستمرار ممارسة هواية لا أرى لا أسمع لا أتكلم!

 إذن ما الحل..؟ قبل كل شيء لابد الا يكون هم رئيس الوزراء الاول كسب رضا النائب وتهميش الدور الرقابي للبرلمان ثم بعد ذلك تأتي النقاط التالية اذا أردنا حكومة مستقرة:   

اولاً: تغيير قانون الصوت الواحد ورفع التدخل في العملية الانتخابية.

 ثانياً: اختيار الوزراء وفق كفاءاتهم وحاجة الوزارات لهم وقناعتهم بالممارسة الديموقراطية وليس وفق واسطاتهم.

 ثالثاً: الغاء احتكار أبناء الأسرة لبعض وزارات السيادة. 

رابعاً: إعطاء استقلالية مطلقة للجهات الرقابية التابعة للحكومة. هذه «بعض» ملامح الإصلاح المنشود، وننوه الى أهمية استقلالية القضاء، ونتمنى عدم التدخل في قراراته.

 ورحم الله شاعر الفصحى «في فمي ماء، وهل يخفى القمر»!



تعليقات

اكتب تعليقك