‫د.علي الحويل: التكويت ليس مسألة اختيار فهو وضع حتمي وسواء طالبنا به أم لم نطالب فهو آتٍ لا محالة‬

زاوية الكتاب

كتب علي عبدالرحمن الحويل 943 مشاهدات 0


التكويت ليس مسألة اختيار فهو وضع حتمي وسواء طالبنا به أم لم نطالب فهو آتٍ لا محالة، وبقدر ما قد يكون لتأخره من مظلمة للبعض من الكويتيين، فإن في الاستعجال به إضراراً بالكويتيين والكويت وبكل من على أرضها.
القضاء مهنة تحتاج إلى المؤهل العلمي إلا أنها تحتاج إلى الخبرة بقدر حاجتها للمؤهل والأهم أن النضج النفسي والعقلي، هو ما يعطي لأحكام القاضي رجاحةً وانحيازاً للحق، فكثيراً ما يكون للقاضي خياران متباينان وما يحقق اختياره للأصلح بينهما أو العدل المرجو، هو النضج العقلي والنفسي والقدرة على عزل النفس عن الأهواء والمصالح وكل هذا يعد جزءاً من الخبرات المتراكمة.
الطبيب كذلك مؤهله العلمي قد يحميه من الوقوع في خطأ جسيم ويصوب قراراته في 80‎‎ في المئة منها، إلا أن طبيعة مهنته تقتضي صواب قراره 100‎ في المئة، في ما يناظره من حالات وفارق الـ20‎ في المئة. ‎
هذا هو فارق معرفة تراكمي يكتسبه بمرور السنين وبمعاينة أكبر عددٍ من الحالات والتمييز بين المتشابه منها... ما يكسبه الخبرة العملية، التي من دونها لا يختلف الطبيب عن أجهزة التشخيص التي تفتقر إلى الإحساس بشكوى المريض وتقدير درجة شدتها وأولويتها بين بقية الأعراض المرضية والخبرة بمتشابهاتها.
أستاذ الجامعة مطلوب منه أن يعقد المقارنات ليقرب المادة لذهن الطالب، وكلما كانت هذه المقارنات من الواقع المعاش، ثبتت في ذهن الطالب، لذا فإن حصيلة خبرات الأستاذ الجامعي المتراكمة عامل مهم في أدائه لدوره بصورة أفضل وأكمل.
وما سلف ينطبق على المهندس في تقدير مواد البناء وتسليح الحديد، وفي سرعة التعرف على أعطال الكهرباء أو المكائن العملاقة وهكذا.
الخبرة إذاً مهمة في كل مناحي الحياة، ولكنها ضرورية في مهن كالقضاء والطب والتعليم، وتكويت هذه المهن من دون توافر عناصر التكامل في صاحبها إضرار بالمجتمع وبالدولة.
التكويت لا بد أن يقوم على مجموعة من العناصر أولها الوفرة العددية في التخصص المطلوب التي تتيح الانتقاء بين المتقدمين لأي مهنة، الكفاءة في الأداء الوظيفي والتأهيل العلمي والمعارف العامة والتجارب الشخصية في مجال العمل أو الخبرة، فإذا توافرت هذه العناصر بين الكويتيين في تخصص ما فإن تكويته يصبح واجباً وطنياً، أما إن كان هناك نقص في جانب أو أكثر منها، فالمفترض العمل على تنمية هذا الجانب قبل التوجه إلى التكويت منعاً للضرر وتأخير بضع سنوات خير من ظلم الناس أو تفشي المرض بينهم، أو القصور والضعف في مستواهم العلمي.

تعليقات

اكتب تعليقك