‫داهم القحطاني: الصراع في الإقليم ملتهب والصدامات الناعمة في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تتحول إلى حروب حقيقية ولهذا يفترض أن تتغير العقيدة التي بنيت عليها علاقات الكويت الخارجية‬

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 552 مشاهدات 0


الصراع في الإقليم ملتهب جداً، والصدامات الناعمة في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تتحول إلى حروب حقيقية لا تقل بشاعة عن الحروب الحقيقية، ولهذا يفترض أن تتغير العقيدة التي بنيت عليها علاقات الكويت الخارجية، خصوصاً فيما يتعلق بتأثير ما يكتب وينشر ويبث في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الكويتية على علاقات الكويت الدبلوماسية.

في الأسابيع المواضي تعرضت الكويت لهجمة غير مسبوقة تستهدف التأثير على قرارها الداخلي، فيما يتعلق بالموقف من التعامل مع تيار الإخوان المسلمين في الكويت، وقد كانت حملة منظمة وبنيت على وقائع مسربة، وغير مدققة تقنياً، للقاءات سابقة لشخصيات سياسية كويتية مع الزعيم الليبي السابق معمر القذافي قبل نحو 15 سنة.

الحملة كانت ذكية جداً، وقد بنيت على قاعدة جورج بوش الابن الشهيرة «إن لم تكن معي فإنك ضدي».

وإذا أضفنا إلى ذلك أن هذه الحملة قامت على استنتاجات وافتراضات معدة سلفاً، فإنك ستجد نفسك إما أن تنساق مع هذه الحملة لكي لا تتهم بأنك تقف ضد دول خليجية مقربة، رغم ما في هذه الحملة من تحميل، ضمني، للدبلوماسية الكويتية من وزر التساهل مع تآمر افتراضي لكويتيين ضد دول خليجية. وإما ستجد نفسك باحثاً عن حقيقة هذه الاستنتاجات التي قامت عليها الحملة، وبهذا ستتهم بأنك من مناصري هذا التآمر المفترض على هذه الدول. أو أنك ستصمت مضطراً، وبهذا تنطبق عليك مقولة مارتن لوثر كينغ الشهيرة «..المصيبة في صمت الأخيار».

وإذا علمنا أن الدبلوماسية الكويتية، وللأسف، ليست لها خطوط تواصل مع صناع الرأي العام الكويتي من الكتّاب والمحللين السياسيين المتخصصين، كما في معظم دول العالم، يكون وضع الكاتب والمحلل السياسي المستقل في الكويت صعباً جداً.

في قضايا محددة هناك مجموعة من الكتّاب والمحللين السياسيين الذين يحظون بثقة الرأي العام الكويتي، والخليجي، والعربي، من ذوي الطرح المتوازن، ويفهمون جيداً أين تقع مصلحة الكويت، ويعملون على جعلها المحرك الأساسي لطروحاتهم.

هؤلاء الكتّاب والمحللون السياسيون لا يجدون للأسف مجالاً للظهور في وسائل الإعلام الكويتية الرسمية، لأنها تفضل من يمتدح الحكومة دوماً، ولا يجدون مجالاً للظهور في القنوات الكويتية الخاصة، لأن هذه القنوات غالباً ما تكون غارقة حتى الثمالة في الشأن المحلي البحت والمنحصر في شؤون انتخابية، وقضايا محلية يتم علكها وتوجيهها وفقاً لمصالح خاصة.

هذا الوضع غير الصحي جعل دولاً عدة تستقطب كتّاباً ومحللين سياسيين كويتيين للظهور في قنواتها التلفزيونية، وصحفها، وبالطبع مضمون هذا الظهور إبداء التأييد والدفاع عن سياسة هذه البلدان، وللأسف يحدث هذا في قضايا عدة تقف فيها الكويت موقف الحياد الإيجابي.

وبهذا لا يساعد الكويت في سبيل حل هذه القضايا تمترس كتّاب ومحللين سياسيين كويتيين للدفاع عن مواقف هذه الدول المتنازعة.

وإذا استغرقنا في تفاصيل التفاصيل، فإن المسألة برمتها تصل إلى حد الإضرار بمصالح الكويت العليا، ما يتطلب أن تتحرك الدولة لأن تضع حداً لهذا الضرر عبر قرارات لا تمس حرية الرأي، ولا الحق في التعبير، لكنها في الوقت نفسه قرارات تحمي البلد من هذا التكالب المشبوه على تبني مواقف دول أخرى في قضايا يتطلب الحد الأدنى من الحس الوطني النأي عن اتخاذ موقف حاد ومتطرف فيها.

تعليقات

اكتب تعليقك