‫خالد الطراح: لا يمكن للإصلاح الاقتصادي والمالي والرقابي أن يكون له حيز ضمن أي جهود ورؤى مثمرة إذا ما استمر غياب أو تغييب للإرادة الحكومية نحو الإصلاح السياسي الشامل‬

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 533 مشاهدات 0


كشف طوفان من المعلومات الرسمية والصحافية المحلية والدولية عن عورة الإدارة السياسية للرقابة المالية في الدولة، حول فضيحة استثمارات الصندوق السيادي الماليزي #1MBD، التي قد تكون إحدى أكبر قضايا غسل أموال في الكويت حتى اليوم.

تقاذفت الحكومة - كالعادة - وتحديداً الأجهزة الرقابية الحكومية، كالبنك المركزي ووحدة التحريات المالية والمؤسسة الأمنية بإداراتها المعنية، المسؤولية بشأن كل ما يتصل بفضيحة الصندوق السيادي الماليزي وكأنها جمرة نار، حيث يتضح ان أغلب الجهات الرقابية في سباق نحو التنصل من المسؤولية وتبرئة ساحتها، بسبب غياب الادارة السياسية للرقابة المالية بالمقام الاول.

فمحافظ البنك المركزي ركز في بياناته وتصريحاته في الشهور الأخيرة وإجاباته البرلمانية، منها ما نشر اخيرا في القبس (13 سبتمبر 2020) على جانب واحد، وهو تاريخ «إخطار وحدة التحريات المالية الكويتية منذ عام 2016 عن المعاملات المتعلقة بالصندوق الماليزي».

اتضح لاحقاً أن وحدة التحريات المالية الكويتية لم تقدم بلاغها إلى النيابة العامة بهذا الشأن حتى مايو 2020، وهو ما يعني أن الملف ظل في كنف الوحدة المكلفة مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب بحسب قانون انشائها رقم 106 لسنة 2013 لحوالي اربع سنوات!

من بين ما تردد من معلومات خاصة بتسريبات أمن الدولة حول غسل اموال الصندوق الماليزي، أن الفريق الأمني قام بفتح وإغلاق التحقيق في مرحلته الأولى حتى دخلت على الخط مجموعة العمل المالي «فاتف» FATF، ودول كماليزيا وربما أطراف دولية أخرى.

صحيح أن وحدة التحريات المالية الكويتية تتحمل المسؤولية القانونية والتداعيات التي نشهدها حتى اليوم، فمعظم المعطيات تتلاقى عند عامل مشترك واحد، وهو تقاعس وتهاون وربما إهمال متعمد - حسب ما يتم تداوله إعلاميا - نتيجة تدخل متنفذين في مسار التحريات المالية، إلا أن ذلك برأيي لا يعفي محافظ البنك المركزي ولا وزراء المالية منذ 2016 ــ 2020 من المساءلة السياسية والقانونية ايضا، إذا كانت هناك فعلا إدارة حكومية مؤسسية.

فالمسؤولية الوطنية تفرض على محافظ البنك المركزي المبادرة في «إخطار» وزير المالية، باعتبار أن البنك يقع تحت تبعية الوزير وأيضا وحدة التحريات، وفي حال تعذر استجابة وزير المالية بصفته، فالمصلحة العامة تقتضي إبلاغ رئيس الحكومة شخصياً، وتجاوزه - إن اقتضى الأمر- للوصول الى المراجع المختصة في الدولة في ضوء طبيعة شبهات تتعلق بعملية غسل اموال دولية الاركان، وحجم الضرر الفادح على سمعة الكويت الرقابية والسياسية محلياً ودولياً.

هذه قراءة متواضعة تحمل ملاحظات مشروعة حول تواضع بل ضعف الادارة السياسية الحكومية للرقابة المالية، وتحديداً في التعامل مع فضيحة دولية استوطنت مجازاً الكويت كمنصة غسل اموال منذ عام 2016 على يد مواطنين ووافدين، وقد تكون مجرد تمهيد نحو عمليات غسل أموال مثيلة او أكبر عمقاً وتعقيداً، اذا ما استمر النهج نفسه في قيادة الحكومة خارج نطاق المساءلة السياسية والعمل المؤسسي.

لا يمكن للإصلاح الاقتصادي والمالي والرقابي أن يكون له حيز ضمن أي جهود ورؤى مثمرة، إذا ما استمر غياب أو تغييب للإرادة الحكومية نحو الإصلاح السياسي الشامل.

تعليقات

اكتب تعليقك