‫خالد الطراح: من المستحيل أن يوافق بعض أصحاب الزعامة في الوطن العربي على الفحص الطبي للتثبت من وجود العقل في جمجمة الرأس أو فقدان البصيرة كليا‬

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 402 مشاهدات 0


لا يمكن للعقل البشري ان يستحضر في معظم الاحيان كل ما وقع تحت اليد والبصر من كتب ومراجع علمية وروايات، وقد يكون صعباً الرجوع الى المكتبة الشخصية لتصفح كل الكتب، التي يمكن ان تشكل مرجعاً مساعداً في تفسير وتحليل كل ما نشهد من تطورات سياسية واقتصادية عمياء المصدر.

هنا نجد أن الشبكة العنكبوتية أو بالأحرى الباشا غوغل أكثر عوناً في الاستدلال على ما تبحث عنه الذاكرة، بغاية الوصول الى الهدف المنشود.

انقذني عقل غوغل غير البشري، في استحضار ما طوته ذاكرة النسيان لرواية قصيرة، بعنوان «بلد العميان» The Country of the Blind، التي منحت للعقل وزنه وحقه حين يفقد الإنسان بصره، لان «العيون ليست سوى عدسات، أما العقل فهو الذي يرى».

المعاناة التي يحكي عنها المؤلف هربرت جورج وليز H.G Wells (1904-1911) عن «مجموعة من المهاجرين من بيرو فروا من طغيان الأسبان ثم حدثت انهيارات صخرية في جبال الانديز، فعزلت هؤلاء المجموعة في واد غامض»، حيث اصيب ضحايا الانهيار الصخري بنوع غامض من التهاب العيون حتى اصيب الجميع بالعمى، ولكن الجميع قوي على العيش والتعايش مع الظروف المعقدة بصرياً من خلال بصيرة العقل.

الرواية تتناول التحديات والتعقيدات الحياتية التي واجهها بطل الرواية، وهو المستكشف وخبير في تسلق الجبال الانديز Andes نوينز Nuñez في النجاة والبقاء في «بلد العميان» بعد استدعاء المقولة الشهيرة «في بلد العميان يصير الأعور ملكا».

في وضعنا العربي العام الذي يزداد تعقيداً سياسياً واقتصادياً بشكل يومي واقل من ذلك زمنا، اجد أن «بلد العميان» هو افضل وصف لمعظم بلدان الوطن العربي الذي يتحكم فيه العميان من زعماء وسياسيين.. عميان البصيرة وليس البصر.

فقد ازدادت التعقيدات عن المعقول والممكن الاستيعاب والتحمل ضميراً وعقلاً وعلماً، فقد بات الاستقرار من نصيب دول أخرى مبصرة سياسيا في معالجة شتى التحديات والمستجدات، بخلاف دول اخرى متخلفة سياسياً حتى لو جاء تصنيفها تنموياً ضمن مستويات ومؤشرات دولية متقدمة إلى حد كبير شكليا بطبيعة الاحوال العربية.

في الزمن العربي، يمكن انتقاد الحكام والزعماء بشتى المفردات والبيانات القاسي منها تعبيراً، وأخرى تحمل قذفا، لكن مناخ الحريات في بلدان اخرى من العالم المتحضر ليس لديها ما يحظر القذف ولا النقد القاسي سياسياً، لذا نجد أن معظم المنصات الالكترونية باتت نوافذ لأحاديث عشوائية واخرى رصينة، بل اصبحت مسكنا لمن لا مسكن له بعد التهجير القسري أو الاختياري.

من المستحيل أن يوافق بعض أصحاب الزعامة في الوطن العربي على الفحص الطبي للتثبت من وجود العقل في جمجمة الرأس أو فقدان البصيرة كليا، فمعظم الزعماء العرب يحق لهم نعت غيرهم من سياسيين بفقدان بصيرة العقل، وليس الاعتراف بالعمى السياسي.

تعليقات

اكتب تعليقك