‫حسن العيسى: أین ستمضي بنا هذه الأزمة في محیط ثقافة ضحلة لا تدرك معنى حركة الزمن وتقلُّب الحال ضاع الاقتصاد وضاعت السیاسة قبله.. اشتدي یا أزمة حتى تنفجري لا تنفرجي‬

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 808 مشاهدات 0


"اشتدي یا أزمة تنفرجي"، أبداً غیر صحیح هذا المثل في وقتنا وبلادنا. ما حدث بالأمس في جلسة المجلس لم یكن بدایة الأزمة السیاسیة في الدولة، هو تصعید لأزمات بلا نهایة، البدایة بعد الاستقلال ربما كانت منذ منتصف الستینيات، بعد وفاة الأمیر عبدالله السالم، رحمه الله، السُّلطة لم تهضم أبداً روح الدستور ولا مبدأ المشاركة في الحُكم، ودخلت الدولة في أزمة تلو الأخرى.

كانت الحلول دائماً تمرُّ عبر ثقافة السُّلطة المختزلة بالمال السیاسي، دبلوماسیة الدینار، لم تكن قاصرة على علاقة دولة صغیرة مثل الكویت بحاجة لدعم الخارج، بل وظفتها السُّلطة في الداخل لشراء الولاءات وضمان مشروع الحُكم، استثمرت سیاسة "شیخ القبیلة" الثري الذي یسكت الآخرین بثروته ووجاهته، وتكرَّست في السنوات الأخیرة، وتكاد تقنن في مدونة الفساد.

تغیر شخوص المعارضة وفقاً لتغیر معادلة التركیبة السكانیة، فمن تمت المراهنة عليهم في السابق كحرس للحكم لضرب التیارات التقدمیة أضحوا بوعیهم شوكة في بلعوم السُّلطة، إلا أن هذه المعارضة الجدیدة یغلب عليها -ولیس كلها- روح المحافظة الدینیة والجمود الاجتماعي، لدرجة تقدیم مشروعات مرعبة، مثل إعدام المسيء للذات الإلهیة والرسل والصحابة والأمیر... ووصل أحدها الیوم لدرجة الخرافة، مثل مشروع إعدام السحرة الذي تغیر "إنسانیاً" لإحلال السجن بدل المشنقة.

عدد من المحسوبین على الفكر التقدمي بصموا على مشروعات الرعب مثل إعدام المسيء، بحجة عدو عدوي صدیقي، وهذا وهم سیاسي، أو وفقاً لتقلید "وین رایحین إحنا ویاكم"، وهذا الآخر مدمر لمستقبل الدولة.

مثل ذلك النهج یثیر مخاوف الكثیر من الناس بأنهم في النهایة یستجیرون من الرمضاء بالنار، فخسر البشر حریاتهم السیاسیة، والآن یخاطرون بالقلیل الباقي من "شكل" الحریات الاجتماعیة!

أین ستمضي بنا هذه الأزمة في محیط ثقافة ضحلة لا تدرك معنى حركة الزمن وتقلُّب الحال... ضاع الاقتصاد، وضاعت السیاسة قبله. اشتدي یا أزمة حتى تنفجري لا تنفرجي.

تعليقات

اكتب تعليقك