هشام العوضي: «سلطانة» في نيويورك

زاوية الكتاب

كتب د. هشام العوضي 531 مشاهدات 0


لم تكن عُمان دولة خليجية فحسب، لكن امبراطورية، امتدت حدودها لشرق أفريقيا وشرق الهند. في 1840، قرر السلطان سعيد بن سلطان، أن تزور السفينة «سلطانة» أميركا، للتبادل التجاري مع نيويورك. كانت هذه أول زيارة خليجية للولايات المتحدة. قال القبطان الأميركي الذي أبحر بـ«سلطانة»: «إن أشرعة السفينة كانت تحتضن الريح، وتوجهها إلى حيث نريد. كانت قادرة على أن تمخر عباب الأطلسي، وتتخطى بأشرعتها أي عقبة تقابلها». أرسل السلطان سعيد على متن السفينة، أحمد بن نعمان، كي يمثلّه. وُلِد أحمد بن نعمان في البصرة، من أب عربي، وأم من فارس. فضلاً عن ذكائه، وتقواه، تمتع بقدرة نادرة في الأعمال البحرية. سافر للصين ومصر وأوروبا في مهمات للسلطان. استغرقت رحلته إلى نيويورك 87 يوماً. كانت نيويورك مدينة صاخبة، سكّانها 320 ألف نسمة. كتبت صحيفة أميركية تصف نيويورك: «ما أروع هذه المدينة، إنها ممتلئة بالمفاجآت والمرح، وكل ما يثير الدهشة». أعطى وصول السفينة العُمانية سكّان نيويورك مادة مثيرة للفضول. كتبت صحيفة نيويوركية: «إنها مفاجأة مثيرة حقاً لنا نحن الأميركيين».

تدافع الكثير من أبناء نيويورك إلى رصيف الميناء لرؤية العُمانيين للمرة الأولى. دفع الفضول أفراداً إلى الاقتراب وتحسس لحاهم للتأكد من أنها طبيعية، غير مستعارة. قالت صحيفة هيرالد: «كان العرب ينظرون حولهم، يبرمون شواربهم، ويستغربون من نظرات التعجّب». نال أحمد إعجاب الجميع، لرقّته وحلو حديثه. سئل عن رأيه في جمال المرأة الأميركية مقارنة بالمرأة العربية. دافع عن جمال المرأة العربية بدبلوماسية. لم يقم أحمد بزيارة واشطن أو التقى الرئيس الأميركي، مارتن يورين، ومع هذا قدّم له هدايا من السلطان. شملت الهدايا فرَسيْن من خيول السباق العربية، وعقداً من اللؤلؤ، وحبتين كبيرتين من اللؤلؤ، و120 قطعة من الأحجار الكريمة، وسبيكة من الذهب الخالص، وسجادة حرير فارسية، وقنّينة من عطر الورد، وست عباءات كشميرية، وسيفاً مرصّعاً بالذهب. كان الرئيس الأميركي - من الحزب الديموقراطي - مشغولاً بالانتخابات الرئاسية الثانية. قَبِل الرئيس الهدايا، لكن باع الفرَسيْن في مزاد علني، بهدف تحسين نسل الخيول الأميركية.

تعليقات

اكتب تعليقك