ناصر العبدلي: كيف نخرج من الثالوث..؟!

زاوية الكتاب

كتب ناصر العبدلي 371 مشاهدات 0


جزء كبير من تردي الحالة العامة في البلاد يعود إلى «الثالوث»، وأقصد به «الناخب والنائب والوزير»، الذي ألقى بظلاله على كل شيء حتى وإن لم يقصد أطرافه ذلك، وكانت نتائجه كارثية بحق، وقد ساهم وجود القطاع العام الضخم المترهل في تكريس تلك النتائج الكارثية لهذا الثالوث، وبات الخروج من هذا الواقع المؤلم في حكم المستحيل.

الآباء الأوائل المؤسسون شددوا في الدستور على ضرورة أن يتقاسم القطاعان العام والخاص النشاط الاقتصادي، وألا يترك فقط للقطاع العام حتى لا يصاب هذا النشاط بالجمود والترهل، وقد كان بُعد نظر منهم في ذلك الوقت الحرص على وجود قطاع خاص حقيقي لا يعتمد على الحكومة في عمله، بل قطاع إبداعي يموّل نفسه ذاتياً، ويكون منافساً للقطاع العام في استقطاب العمالة الوطنية، ومشاركاً فعلياً في الناتج الوطني.

ما حدث هو العكس بالضبط، حينما استولت الحكومة على هذا النشاط لتحوله من نشاط إنتاجي، كما يفترض به، إلى نشاط استهلاكي يلتهم الميزانية العامة للدولة، ويخلق إلى جانبه قطاعاً يصر البعض على تسميته بالقطاع الخاص، لكنه ليس كذلك، بل هو رديف القطاع العام، ويعيش على بنود الميزانية كما يفعل المواطن البسيط، والمأساة أنه مع الوقت أنجب لنا القطاعان هذا الثالوث الخطير.

النائب ضحية الناخب ويريد إرضاءه بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب المال العام أو القانون أو على حقوق الآخرين من المواطنين البسطاء ممن لا يملكون صوتاً، والوزير بدوره ضحية النائب الذي يضغط بكل قوة ويستخدم أدواته الدستورية في تطويع الوزير، رغم عدم اقتناعه بصحة هذا المسلك، من أجل أن يقدم ما يستطيع من خدمات لهذا الناخب النهم.

من يمكن لنا أن نلومه على هذا الواقع البائس والمزري؟ هل نلوم الناخب المتطلب وغير الراضي دائماً مهما قدم له النائب والوزير من خدمات، حتى بلغ به الأمر لأن يقبل بالراتب من دون عمل حقيقي؟ أم نلوم الديموقراطية التي صدف أنها ليست بالمستوى المطلوب حتى تمنع تسلل أية فيروسات داخلها؟ أم نلوم الحكومة لإصرارها على التمسك بالقطاع العام حتى وإن كانت تعرف أن نهاية هذا الإصرار مأساوية؟ يمكن أن نلوم الجميع، لكن يبقى السؤال: كيف نخرج من هذا الواقع؟

تعليقات

اكتب تعليقك