بدر خالد البحر: «معهد الأبحاث».. قد أعذر من أنذر

زاوية الكتاب

كتب بدر خالد البحر 1313 مشاهدات 0


يبدو أن بعض الأخوة في معهد الأبحاث - المستفيدين من عدم الاستقرار السياسي - لم ينتبهوا إلى تصريح الجمعية الكويتية لجودة التعليم في منتصف الشهر الماضي، التي أعلنت تحذيراً مبدئياً لوقف التجاوزات، وإلا فستضطر لكشف تفاصيلها للعامة من واقع مستندات رسمية لبيان حجمها وبيان الهدر ومخالفة اللوائح والنظم، وتقديم البلاغات، فالتجاوز على المال العام، إذا ما ثبت، لا يسقط بالتقادم.

لقد صرحت الجمعية آنذاك بوجود خلل كبير في لائحة برامج الإجازات العلمية في معهد الكويت للأبحاث العلمية ينذر بهدر كبير للمال العام يتمثل جزء منه في استحواذ بعض القياديين في الجهاز الإداري على النصيب الأكبر من إجازات التفرغ العلمي، التي تصل إلى سنتين وقد تمتد لأربع سنوت. أما المصيبة، فتكمن في الاستحواذ على مزايا شهرية تعادل ضعف الراتب، ليس هذا فحسب، بل وتذاكر سفر بدرجة رجال الأعمال لهم ولأسرهم خلال تفرغهم، شيء شبيه بلزوم الراحة والاستجمام على ظهر المال العام، علماً بأن بعض القياديين هم من أشرفوا على صياغة نظم ولوائح التفرغ العلمي التي تحتوي على منح ومزايا غير مبررة ولسنوات من غير أداء أي عمل تنفيذي داخل المعهد، وهو ما وضعت الجمعية يدها عليه في لوائح برامج الإجازات العلمية في المادة 3.2 والمادة 2.4.

إن ما يزيد المصيبة سوءاً أن اللجنة بالسابق قد وافقت على تفرغ بعض القياديين لإجازات علمية رغم مخالفتها للنظم واللوائح، والتي سنواجه فيها الوزير القادم بالتشكيل الحكومي الجديد، تجاوزات أدانها تقرير ديوان المحاسبة، منها مخالفة التخصصات العلمية لموضوع برنامج التفرغ العلمي! وفي هذا السياق، فإننا نحذر بأننا لن نسكت إذا ما تم تمرير موافقات جديدة بذات الأسلوب لقيادي آخر يقال إنها ستكون جاهزة بعد العيد!

الغريب في الأمر أن الهدر بالإجازات العلمية يذهب إلى قياديين قاربوا سن التقاعد، وهو ما أدى إلى حدوث عجز تسبب في تقليص مخصصات ابتعاث الباحثين من الشباب طبقاً لتقارير ديوان المحاسبة الذي بيّن الاستحواذ على المخصصات ما جعل التفرغ العلمي لعدد أربع قياديين فقط يعادل ابتعاث 52 موظفاً شاباً!! وعليه، نطالب بإحالة الموضوع برمته للجان تقصٍ وتحقيق من خارج المعهد، في ظل هذه الظروف مع غياب مجلس الأمناء وعدم شغل منصب المدير العام بالأصالة، وشواغر المديرين التنفيذيين في المراكز البحثية.

أما الصدمة، فتتجلى في الشروط التي وجدناها في الصفحة الأخيرة من لائحة نظام العودة من برنامج الإجازات العملية التي تنص على تحويل التقرير الخاص بما تم إنجازه خلال فترة برنامج الإجازة إلى المركز الوطني للمعلومات العملية والتكنولوجية «للحفظ في الأرشيف!» يعني هذه «الهولّيله» وكل هذا الهدر للمال العام بأضعاف المرتبات الشهرية وإكسسوارات تذاكر السفر لدرجة «بيزنس كلاس» للعائلة الكريمة وحرمان الباحثين من الشباب، يذهب رفاتها للأرشيف!

وعليه، فإننا نحذر من إصدار أي قرارات تتجاوز اللوائح والنظم وتؤدي إلى حصول بعض القياديين على تفرغ علمي وهم على رأس عملهم والدخول في ما بات يعرف بفترة الريبة وتضارب المصالح التي يمكن الطعن عليها مستقبلاً، وهي فترة استقالة الوزارة وتصريف الأعمال، ما يجعلنا نتساءل أيضاً عما إذا ما تم أو سيتم التجديد لمديرين تنفيذيين بواسطة أخذ قرارات الموافقة بالتمرير بين الأمناء لعدم اجتماع مجلسهم في فترة استقالة الحكومة! فليس من المنطق التجديد بصفة الاستعجال لمناصب قد يصل المكوث فيها لأربع سنوات فيسحب البساط من تحت المدير العام الجديد الذي سيأتي ليجد الطبخة قد انتهت والخناق قد ضاق عليه ولن يكون قادراً على ممارسة واحدة من أهم مسؤولياته التي ستحدد كفاءة أدائه.

نقول للأخوة إننا لن نقف مكتوفي الأيدي إذا ما تم الاستمرار في هذا الأسلوب الإداري وإن تطلب ذلك عقد ندوة خاصة لكشف هذه التجاوزات، وقد أنصف من حذّر وأعذر من أنذر.

***

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

تعليقات

اكتب تعليقك