مشاري ملفي المطرقّة: ليس بالخصخصة تحيا الكويت

زاوية الكتاب

كتب مشاري المطرقة 391 مشاهدات 0


في العام الماضي وافق المجلس الأعلى للتخصيص في الكويت على خطة كبيرة وشاملة لخصخصة 38 جهة ونشاطاً تقوم الحكومة بإدارتها لتنتقل بذلك الحكومة من جهاز تشغيلي إلى جهاز رقابي مسؤول عن السياسات العامة، حيث استندت هذه الخطة إلى نجاح شركة البورصة التي تم تخصيصها قبل فترة لتؤدي دوراً محورياً في تطوير سوق المال الكويتي وتنويع الاقتصاد الوطني بما يتوافق مع أهداف رؤية كويت جديدة 2035، وبالفعل نجحت الشركة في إعادة تصنيف سوق الكويت باعتباره سوقاً ناشئاً ضمن أعلى 3 مؤشرات عالمية، مما عزز مكانة الدولة كمركز مالي إقليمي رائد، كما نجحت في إدخال أدوات استثمارية مبتكرة وتعزيز مستوى الشفافية وإعادة هيكلة السوق بهدف رفع السيولة فيه وزيادة قدرته التنافسية استناداً إلى الاستراتيجية النابعة من مهمتها، والتي تركز على تطوير السوق ليواكب المعايير الدولية.

وعلى الرغم من نجاح تجربة خصخصة بورصة الكويت فإن المواطنين يشعرون بالقلق الشديد من الحديث عن الخصخصة، ويرون أن هذا النجاح لا يمكن قياسه بباقي القطاعات الضخمة التي تستوعب آلاف الموظفين وتقدم خدماتها على مدار الساعة، ويؤكدون أن الخصخصة هي إعادة توزيع الموارد لمصلحة التجار والمحتكرين على حسابهم، مما يعزز النظام الرأسمالي المجحف اقتصادياً، ويرون أنه إذا كان هناك سوء إدارة حكومية لبعض القطاعات فالحل في تعيين إدارات ذات كفاءة وقادرة على قيادتها لا بيعها والتخلص منها، ومنح أموال وأراضي الدولة للتجار والمستثمرين بأسعار زهيدة، ليجنوا من ورائها أرباحاً طائلة ويتحكموا في مصاير الموظفين في هذه الأماكن، فيصبحون تحت التهديد الدائم بقطع أرزاقهم وتسريحهم من أعمالهم، خصوصاً مع حدوث أزمات مثل جائحة كورونا والحروب الإقليمية والعالمية.

والطامة الكبرى التي يراها الرافضون للخصخصة أن تكون القيادات التي تدير الخدمات الحكومية حالياً والمسؤولة عن خسائر الدولة المالية وتردي الخدمات العامة هي التي سيتم تعيينها لتراقب القطاع الخاص والشركات التي سيتم تخصيصها لاحقاً، لتنتقل خبرات فشلهم الذريع في الإدارة إلى الإشراف والمتابعة، أي إلى الضياع الحقيقي لأصول وممتلكات الدولة والأجيال الحالية والقادمة.

كما يتساءل المعترضون على الخصخصة عن الغايات المنشودة من عمليات التخصيص، وعن مدلول تصريح وزير التجارة والصناعة فهد الشريعان الأخير «أن كل شيء في الكويت متاح للخصخصة»، هل معنى ذلك أنه سيتم الاقتراب من القطاعات الحيوية كالكهرباء والماء وشركات النفط؟ وهل القطاع الخاص قادر على إدارة هذه المؤسسات وتقديم الخدمات للمواطنين بجودة عالية وتحقيق مكاسب وتحمل الخسائر التي تتحملها الدولة في بعض الأزمات؟ وهل لدى الحكومة رؤية واضحة للخصخصة أم أنها تعمل بلا خطة وتريد خوض التجربة دون أن تحسب النتائج والعواقب؟ وهل تحت أيدي الحكومة دراسة تؤكد أن التخصيص سيؤدي فعلياً إلى إصلاح اقتصادي في الكويت وتنويع الدخل وتحقيق الكفاءة وتخفيف الأعباء عن الميزانية العامة للدولة؟ وهل هذا الوقت مناسب للحديث عن الخصخصة مع تزايد التضخم الحادث في العالم والارتفاعات المستمرة في السلع والخدمات؟

المصدر: الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك