علي البغلي: أَحْبِبْ وسَمِّ.. واُبغُضْ ولا تُسَمِّ!

زاوية الكتاب

كتب علي البغلي 391 مشاهدات 0


سَمِّ.. الظاهرة في عنوان المقال أعني بها تسمية، وقد راودتني أفكار هذه الأيام مع ورود الأخبار.. والأخبار هي أن حكومتنا التي سمَّت مئات الشوارع وبعض المدارس بأسماء لم نسمع بأغلبهم مطلقاً، ولم ينسب إليهم أي فضل أو عمل بارز في هذا المجتمع، ولو اكتفى مشترو ود أهل هؤلاء بترك أسماء شوارعنا بالأرقام، لتعايشنا مع تلك الشوارع بأفضل حال.

ما يحزُّ بنفسي كل يوم أمر فيه أمام هذه الشوارع، هو تجاهل من كانت له أيادٍ بيضاء بإعلاء شأن الكويت عمرانياً وثقافياً واجتماعياً، فنحن عندما كنا صغاراً بعد انفجار الثروة البترولية في الكويت، تم تعمير شوارعنا، وأتذكر عندما جرى «تبليط» شارع دسمان (أحمد الجابر حالياً) أن الشركة التي قامت بفرشه بالزفت الأسود (القار) وترتيب أرصفته هي شركة مساعد الصالح ـــ رحمه الله وغفر له ـــ وعندما كنا نقوم بزيارة العراق عن طريق المطلاع وصفوان والبصرة، كنا نرى لافتات كُتب عليها «الكويت تنمو مع شركة مساعد الصالح».. أي إن مَا بلَّط لنا شوارعنا إلى صفوان هي الشركة التي كان يملكها المغفور له مساعد الصالح وأولاده، الذين فتحوا بعدها «وكالات السفريات».. فجُلْنا العالم كله تقريباً بمساعدة تلك الشركة الرائدة ونشاطات أخرى جديدة تفتقت عنها عقلية مساعد الصالح وأولاده، أدخلوا الكويت فيها للقرن العشرين منافسة للدول الأخرى التي سبقتها بعشرات السنين، وسبقنا فيها كل دول الأشقاء في المنطقة، والذين سبقونا الآن بعشرات السنين! فهل من المعقول ألا نرى شارعاً باسم المغفور له مساعد الصالح أو أولاده؟! 

*** 

والشيء بالشيء يذكر.. وعند تخرجي في كلية الحقوق بجامعة الكويت بعد دراسة القانون واللغة الفرنسية في فرنسا، وبعدها نَيلِي الماجستير في القانون المقارن من إحدى الجامعات البريطانية المعروفة، طلب مني صديقي وزميل دراستي المغفور له عصام بدر الشيخ يوسف العيسى، الانضمام لهم في مكتب المغفور له محمد مساعد الصالح، الذي كان محاميا وممثلا لكبرى الشركات الكويتية من عائلة القناعات الكريمة، وشركات أخرى كشركات التأمين والطيران. 

المرحوم محمد مساعد الصاح (بوطلال) كان يرأس تحرير كبرى أشهر الصحف الكويتية (الوطن) وكان يداوم في مكتب المحاماة وفي الجريدة التي كان لها خط وطني ساخن نظيف، ومع ذلك لم تسمِّ أيُّ «لا رشيدة» شارعاً أو مؤسسة باسمه، كذلك، وقد شابه المرحوم أباه في ذلك.

«بو طلال» كان يأتينا بأهم أخبار البلد التي لا تُنشر بالصحيفة، أتانا يوماً ليحكي لنا كيف حكى له المغفور له الشيخ صباح الأحمد حكاية لم تنشر. والحكاية تتلخص في أن بنكاً أنشئ حديثاً في الكويت طلب من المغفور له الشيخ جابر الأحمد تخصيص أرض حكومية يبنيها مجمعاً تجارياً، في منطقة الأسواق القديمة (سوق الكويت)، فعرض الشيخ جابر الأحمد مدرسة الزهراء، خلف شارع فهد السالم (أقيم عليها قصر العدل في ما بعد)، فاعترض ممثلو بيت التمويل وطلبوا أرضاً في مكان بارز، فسألهم الأمير: أي أرض تريدون؟! قالوا: نريد أرضاً في شارع فهد السالم (المملوء بالخرائب الآن والذي كان شانزليزيه الكويت وقتها)، قالوا: نريد مدرسة المثنى التي تقع على شارعيَ (فهد السالم وعبدالعزيز الصقر الآن)، فوافق لهم الشيخ جابر على ذلك الطلب. 

عندما سمعت هذه الحكاية، كانت لدي أرباح المكتب لتلك السنة (أوائل ثمانينيات القرن الماضي)، أتذكر أنها كانت 18 ألف دينار، فقمت بشراء أسهم بيت التمويل، التي ارتفع سعرها الآن عشرات عشرات الأضعاف بالنسبة لتكلفتها والحمد لله. 

تذكرت هذه الحكاية عندما امتلأت الصحف أخيراً بصور وما جرى من مناقشة في الجمعية العمومية الأخيرة لبيت التمويل واندماج البنك الأهلي المتحد معه، متمنياً للمؤسستين النجاح والسؤدد، ومن إدارة الصديق حمد المرزوق التطور والازدهار.

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

تعليقات

اكتب تعليقك